الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }

يقول تعالى ذكره: عسى ربّ محمد إن طلقكنّ يا معشر أزواج محمد صلى الله عليه وسلم أن يبدله منكنّ أزواجاً خيراً منكن. وقيل: إن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تحذيراً من الله نساءه لما اجتمعن عليه في الغيرة. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم، قالا: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهنّ: عسى ربه إن طلقهن أن يبدله أزواجاً خيراً منكنّ، قال: فنزل كذلك. حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن حميد، عن أنس، عن عمر، قال: يلغني عن بعض أمهاتنا، أمهات المؤمنين شدّة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذاهنّ إياه، فاستقريتهنّ امرأة امرأة، أعظها وأنهاها عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول: إن أبيتنّ أبدله الله خيراً منكن، حتى أتيت، حسبت أنه قال على زينب، فقالت: يا بن الخطاب، أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهنّ أنت؟ فأمسكت، فأنزل الله { عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبْدِلَهُ أزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ }. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس، قال: قال عمر بن الخطاب: يلغني عن أمهات المؤمنين شيء، فاستقريتهنّ أقول: لتكففن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ليبدلنه الله أزواجاً خيراً منكنّ، حتى أتيت على إحدى أمهات المؤمنين، فقالت: يا عمر أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهنّ أنت؟ فكففت، فأنزل الله { عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبْدلَهُ أزْوَجا خَيْرا مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤْمِناتٍ }... الآية. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: { أنْ يُبْدِلَهُ } فقرأ ذلك بعض قرّاء مكة والمدينة والبصرة بتشديد الدال: «يبدّله أزواجاً» من التبديل وقرأه عامة قرّاء الكوفة: { يُبْدِ له } بتخفيف الدال من الإبدال. والصواب من القول أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وقوله: { مُسْلِماتٍ } يقول: خاضعات لله بالطاعة مُؤْمِناتٍ يعني مصدّقات بالله ورسوله. وقوله { قَانِتات } يقول: مطيعات لله، كما: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله { قانتاتٍ } قال: مطيعات. حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله { قانِتاتٍ } قال مطيعات. وقوله: { تائِباتٍ } يقول: راجعات إلى ما يحبه الله منهنّ من طاعته عما يكرهه منهنّ { عابِدَاتٍ } يقول: متذللات لله بطاعته. وقوله { سائحاتٍ } يقول: صائمات. واختلف أهل التأويل في معنى قوله: { سائحات } فقال بعضهم: معنى ذلك: صائمات.

السابقالتالي
2