الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ }

يقول تعالى ذكره: إن تتوبا إلى الله أيتها المرأتان فقد مالت قلوبكما إلى محبة ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اجتنابه جاريته، وتحريمها على نفسه، أو تحريم ما كان له حلالاً مما حرّمه على نفسه بسبب حفصة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { إنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } يقول: زاغت قلوبكما، يقول: قد أثمت قلوبكما. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مجاهد قال: كنا نرى أن قوله: { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } شيء هين، حتى سمعت قراءة ابن مسعود: «إن تَتُوبا إلى اللَّهُ فَقَدْ زاغَتْ قُلُوبَكُما». حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما }: أي مالت قلوبكما. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن قتادة { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } مالت قلوبكما. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } يقول: زاغت. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان { صَغَتْ قُلُوبَكُما } قال: زاغت قلوبكما. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ابن زيد، قال الله عزّ وجلّ: { إنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } قال: سرهما أن يجتنب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته، وذلك لهما موافق { صَغَتْ قُلُوبَكُما } إلى أن سرّهما ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله: { وَإنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } يقول تعالى ذكره للتي أسّر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، والتي أفشت إليها حديثه، وهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللتين قال الله جلّ ثناؤه: { إنْ تَتْوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } قال: فحجّ عمر، وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر، وعدلت معه بإداوة، ثم أتاني فسكبت على يده وتوضأ فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله لهما: { إنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } قال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس قال الزهري: وكره والله ما سأله ولم يكتم، قال: هي حفصة وعائشة قال: ثم أخذ يسوق الحديث، فقال: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة، ثم ذكر الحديث بطوله.

السابقالتالي
2 3