الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

يقول تعالى ذكره: يقول هؤلاء المنافقون الذين وصف صفتهم قبل { لَئِنْ رَجَعْنا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْها الأذَلَّ } فيها، ويعني بالأعزّ: الأشدّ والأقوى، قال الله جلّ ثناؤه: { ولِلَّهِ العِزَّةُ } يعني: الشدّة والقوّة { وَلِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ } بالله { وَلَكِنَّ المُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ } ذلك. وذُكر أن سبب قيل ذلك عبدُ الله بن أُبي كان من أجل أن رجلاً من المهاجرين كَسَعَ رجلا من الأنصار. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن معمر، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا زَمْعة، عن عمرو، قال: سمعت جابر بن عبد الله، قال: إن الأنصار كانوا أكثر من المهاجرين، ثم إن المهاجرين كثروا فخرجوا في غزوة لهم، فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، قال: فكان بينهما قتال إلى أن صرخ: يا معشر الأنصار، وصرخ المهاجر: يا معشر المهاجرين قال: فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: " ما لَكُمْ وَلِدعْوَةِ الجاهِلِيَّةِ " فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دَعُوها فإنَّها مُنْتِنَةٌ " قال: فقال عبد الله بن أُبي ابن سلول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فقال عمر: يا رسول الله دعني فأقتله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَقْتُلُ أصْحَابَهُ ". حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إلى المَدِينَةِ }... إلى { ولِلَّهِ العِزَّةُ ولِرَسُولِهِ } قال: قال ذلك عبد الله بن أُبي ابن سلول الأنصاري رأس المنافقين، وناس معه من المنافقين. حدثني أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا إبراهيم بن الحكم قال: ثني أبي عن عكرمة أن عبد الله بن عبد الله بن أُبي ابن سلول كان يقال له حباب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، فقال: يا رسول الله إن والدي يؤذي الله ورسوله، فذرني حتى أقتله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تَقْتُلْ أباكَ عَبْدَ اللَّهِ " ثم جاء أيضاً فقال: يا رسول الله إن والدي يؤذي الله ورسوله، فذرني حتى أقتله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تَقْتُلْ أباكَ " فقال: يا رسول الله فتوضأ حتى أسقيه من وضوئك لعلّ قلبه أن يلين، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه، فذهب به إلى أبيه فسقاه، ثم قال له: هل تدري ما سقيتك؟ فقال له والده نعم، سقيتني بول أمك، فقال له ابنه: لا والله، ولكن سقيتك وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عكرمة: وكان عبد الله بن أُبي عظيم الشأن فيهم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6