الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

يعني بقوله: { فالِقُ الإصْباحِ } شاقّ عمود الصبح عن ظلمة الليل وسواده. والإصباح: مصدر من قول القائل: أصبحنا إصباحاً. وبنحو ما قلنا في ذلك قال عامة أهل التأويل. ذكر من قال ذلك. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: { فالِقُ الإصْباحِ } قال: إضاءة الصبح. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { فالِقُ الإصْباحِ } قال: إضاءة الفجر. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن بن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: { فالِقُ الإصْباحِ } قال: فالق الصبح. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في قوله: { فالِقُ الإصْباحِ } يعني بالإصباح: ضوء الشمس باالنهار، وضوء القمر بالليل. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن القاسم ابن أبي بزّة، عن مجاهد: { فالِقُ الإصْباحِ } قال: فالق الصبح. حدثنا به ابن حميد مرّة بهذا الإسناد، عن مجاهد، فقال في قوله: { فالِقُ الإصْباحِ } قال: إضاءة الصبح. حدثني يونس، قال: أخبرنا بن وهب، قال: قال بن زيد، في قوله: { فالِقُ الإصْباحِ } قال: فلق الإصباح عن الليل. حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { فالِقُ الإصْباحِ } يقول: خالق النور، نور النهار. وقال آخرون: معنى ذلك: خالق الليل والنهار. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: «فالقُ الإصباحِ وجاعلُ الليلِ سكَنا» يقول: خلق الليل والنهار، وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ في قوله: { فالِقُ الإصْباحِ } بفتح الألف كأنه تأوّل ذلك بمعنى جمع صبح، كأنه أراد صبح كلّ يوم، فجعله أصباحاً ولم يبلغنا عن أحد سواه أنه قرأ كذلك. والقراءة التي لا نستجيز غيرها بكسر الألف { فالِقُ الإصْباحِ } لإجماع الحجة من القراءة وأهل التأويل على صحة ذلك ورفض خلافه. وأما قوله: «وَجاعِلُ اللَّيْلِ سَكَناً» فإن القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والمدينة وبعض البصريين: «وَجاعِلُ اللَّيْلِ» بالألف. على لفظ الاسم ورفعه عطفاً على «فالق»، وخفض «الليل» بإضافة «جاعل» إليه، ونصب «الشمس» و «القمر» عطفاً على موضع «الليل» لأن «الليل» وإن كان مخفوضاً في اللفظ فإنه في موضع النصب، لأنه مفعول «جاعل»، وحَسُن عطف ذلك على معنى الليل لا على لفظه، لدخول قوله: { سَكَناً } بينه وبين الليل قال الشاعر:

السابقالتالي
2 3