الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ }

يعني تعالى ذكره بقوله: { وكَذَلِكَ }: وكما أريناه البصيرة في دينه والحقّ في خلاف ما كانوا عليه من الضلال، نريه ملكوت السموات والأرض، يعني ملكه وزيدت فيه التاء كما زيدت في «الجبروت» من الجبر، وكما قيل: رهبوت خير من رحموت، بمعنى: رهبة خير من رحمة. وحكي عن العرب سماعاً: له ملكوت اليمن والعراق، بمعنى: له ملك ذلك. واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } فقال بعضهم: معنى ذلك: نريه خلق السموات والأرض. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: { نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ }: أي خلق السموات والأرض. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ }: أي خلق السموات والأرض، وليكون من الموقنين. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { وكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } يعني بملكوت السموات والأرض: خلق السموات والأرض. وقال آخرون: معنى الملكوت: الملك بنحو التأويل الذي أوّلناه. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عمر بن أبي زائدة، قال: سمعت عكرمة، وسأله رجل عن قوله: { وَكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال: هو الملك، غير أنه بكلام النبَط «ملكوتَا». حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن ابن أبي زائدة، عن عكرمة، قال: هي بالنبطية: «ملكوتا». وقال آخرون: معنى ذلك: آيات السموات والأرض. ذكر من قال ذلك: حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: { نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال: آيات السموات والأرض. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى ذكره: { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال: آيات. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال: تفرّجت لإبراهيم السموات السبع. حتى العرش، فنظر فيهن. وتفرّجت له الأرضون السبع، فنظر فيهنّ. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط عن السديّ: { وكَذَلِكَ نُرِى إبرَاهيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ } قال: أقيم على صخرة، وفتحت له السموات، فنظر إلى مُلك الله فيها حتى نظر إلى مكانه في الجنة وفتحت له الأرضون حتى نظر إلى أسفل الأرض، فذلك قوله:وآتَيْناه أجْرَهُ فِي الدُّنْيا }

السابقالتالي
2 3