الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً } يعني: اليهود والنصارى. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حسين بن عليّ، عن شيبان، عن قتادة: «فارَقُوا دِينَهُمْ» قال: هم اليهود والنصارى. وقال آخرون: عُني بذلك: أهل البدع من هذه الأمة الذين اتبعوا متشابه القرآن دون محكمه. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة، قال: { إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم } قال: نزلت هذه الآية في هذه الأمة. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة: { إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً } قال: هم أهل الضلالة. حدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال: ثنا بقية بن الوليد، قال: كتب إليّ عباد بن كثير، قال: ثني ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية: " { إن الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } وَلَيْسُوا مِنْكَ، هُمْ أهْل البِدَعِ وأهْلُ الشُّبُهاتِ وأهْلُ الضَّلالَةِ مِنْ هَذِهِ الأمَّة ". والصواب من القول في ذلكّ عندي أن يقال: إن الله أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه برىء ممن فارق دينه الحقّ، وفرّقه، وكانوا فرقاً فيه وأحزاباً شيعاً، وأنه ليس منهم ولاهم منه لأن دينه الذي بعثه الله به هو الإسلام دين إبراهيم الحنيفية كما قال له ربه وأمره أن يقول:قُلْ إنَّنِي هدانِي رَبِّي إلى صراطٍ مستقيمٍ دِيناً قيمَاً مِلَّةَ إبرَاهيمَ حَنيفاً ومَا كانَ مِنَ المشرِكِينَ } فكان من فارق دينه الذي بعث به صلى الله عليه وسلم من مشرك ووثنيّ ويهوديّ ونصرانيّ ومتحنف مبتدع قد ابتدع في الدين ما ضلّ به عن الصراط المستقيم والدين القيم، ملة إبراهيم المسلم، فهو بريء من محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد منه بريء، وهو داخل في عموم قوله: { إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ }. وأما قوله: { لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إنَّمَا أمْرُهُمْ إلى اللّهِ } فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: نزلت هذه الآية على نبيّ الله بالأمر بترك قتال المشركين قبل وجوب فرض قتالهم، ثم نسخها الأمر بقتالهم في سورة براءة، وذلك قوله: { فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُموهُمْ }. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: قوله: { لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إنَّمَا أمْرُهُمْ إلى اللّهِ } لم يؤمر بقتالهم، ثم نسخت، فأمر بقتالهم في سورة براءة.

PreviousNext
1 3