الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

ومن ادعى أن الله تبارك وتعالى عني بقوله: { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاء } محصنة وغير محصنة، سوى من ذكرنا أولاً بالاستثناء بقوله: { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَـٰنُكُمْ } بَعْضَ أملاك أيماننا دون بعض، غير الذي دللنا على أنه غير معني به، سئل البرهان على دعواه من أصل أو نظير، فلن يقول في ذلك قولاً إلا ألزم في الآخر مثله. فإن اعتل معتل منهم بحديث أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت في سبايا أوطاس، قيل له: إن سبايا أوطاس لم يوطأن بالملك والسباء دون الإسلام، وذلك أنهن كن مشركات من عبدة الأوثان، وقد قامت الحجة بأن نساء عبدة الأوثان لا يحللن بالملك دون الإسلام، وأنهن إذا أسلمن فرق الإسلام بينهنّ وبين الأزواج، سبايا كنّ أو مهاجرات، غير أنهّن إذا كنّ سبايا حللن إذا هن أسلمن بالاستبراء. فلا حجة لمحتج في أن المحصنات اللاتي عناهن بقوله: { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاء } ذوات الأزواج من السبايا دون غيرهن بخبر أبي سعيد الخدري أن ذلك نزل في سبايا أوطاس لأنه وإن كان فيهن نزل، فلم ينزل في إباحة وطئهن بالسباء خاصة دون غيره من المعاني التي ذكرنا، مع أن الآية تنزل في معنى فتعمّ ما نزلت به فيه وغيره، فيلزم حكمها جميع ما عمته لما قد بينا من القول في العموم والخصوص في كتابنا «كتاب البيان عن أصول الأحكام». القول في تأويل قوله تعالى: { كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ }. يعني تعالى ذكره: كتاباً من الله عليكم. فأخرج الكتاب مُصَدَّراً من غير لفظه. وإنما جاز ذلك لأن قوله تعالى:حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ } [النساء: 23]... إلى قوله: { كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } بمعنى: كتب الله تحريم ما حرم من ذلك وتحليل ما حلل من ذلك عليكم كتاباً. وبما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: { كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } قال: ما حرم عليكم. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عنها فقال: { كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } قال: هو الذي كتب عليكم الأربع أن لا تزيدوا. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، قال: قلت لعبيدة: { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَـٰنُكُمْ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } وأشار ابن عون بأصابعه الأربع. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة، عن قوله: { كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } قال: أربع.

PreviousNext
1 2 3 4 5 6 7 9 10  مزيد