الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تعبد ما أمرك به هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بعبادته، بل الله فاعبد دون كلّ ما سواه من الآلهة والأوثان والأنداد { وكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } لله على نعمته عليك بما أنعم عليك من الهداية لعبادته، والبراءة من عبادة الأصنام والأوثان. ونصب اسم الله بقوله { فاعْبُدْ } وهو بعده، لأنه رد كلام، ولو نصب بمضمر قبله، إذ كانت العرب تقول: زيد فليقم، وزيداً فليقم، رفعاً ونصباً، الرفع على فلينظر زيد، فليقم، والنصب على انظروا زيداً فليقم، كان صحيحاً جائزاً. وقوله: { وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } يقول تعالى ذكره: وما عظَّم الله حقّ عظمته، هؤلاء المشركون بالله، الذين يدعونك إلى عبادة الأوثان. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } قال: هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم، فمن آمن أن الله على كلّ شيء قدير، فقد قدر الله حقّ قدره، ومن لم يؤمن بذلك، فلم يقدر الله حقّ قدره. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ { وَما قَدَرُوا اللَّهٍ حَقَّ قَدْرِهِ }: ما عظَّموا الله حقّ عظمته. وقوله: { والأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامَةِ } يقول تعالى ذكره: والأرض كلها قبضته في يوم القيامة { والسَّمَوَاتُ } كلها { مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } فالخبر عن الأرض منتاه عند قوله: يوم القيامة، والأرض مرفوعة بقوله { قَبْضَتُهُ } ، ثم استأنف الخبر عن السموات، فقال: { والسَّمَوَاتُ مَطْوياتٌ بيَمِينِهِ } وهي مرفوعة بمطويات. ورُوي عن ابن عباس وجماعة غيره أنهم كانوا يقولون: الأرض والسموات جميعاً في يمينه يوم القيامة. ذكر الرواية بذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { والأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامَةِ } يقول: قد قبض الأرضين والسموات جميعاً بيمينه، ألم تسمع أنه قال: { مَطْوِياتٌ بِيَمِينِهِ } يعني: الأرض والسموات بيمينه جميعاً، قال ابن عباس: وإنما يستعين بشماله المشغولة يمينه. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، قال: ما السموات السبع، والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة، قال: ثنا النضر بن أنس، عن ربيعة الجُرْسي، قال: { والأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامَةِ والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } قال: ويده الأخرى خلو ليس فيها شيء. حدثني عليّ بن الحسن الأزديّ، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن عمار بن عمرو، عن الحسن، في قوله: { والأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامَةِ } قال: كأنها جوزة بقضها وقضيضها.

السابقالتالي
2 3 4 5