الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }

يعنـي جل ثناؤه: إن شبه عيسى فـي خـلقـي إياه من غير فحل ـ فأخبرْ به يا مـحمد الوفد من نصارى نـجران ـ عندي كشبه آدم الذي خـلقته من تراب، ثم قلت له كن فكان، من غير فحل، ولا ذكر، ولا أنثى. يقول: فلـيس خـلقـي عيسى من أمه من غير فحل، بأعجب من خـلقـي آدم من غير ذكر ولا أنثى، فكان لـحماً، يقول: وأمري إذ أمرته أن يكون فكان، فكذلك خـلقـي عيسى أمرته أن يكون فكان. وذكر أهل التأويـل أن الله عزّ وجلّ أنزل هذه الآية احتـجاجاً لنبـيه صلى الله عليه وسلم علـى الوفد من نصارى نـجران الذين حاجوه فـي عيسى. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن عامر، قال: كان أهل نـجران أعظم قوم من النصارى فـي عيسى قولاً، فكانوا يجادلون النبـيّ صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية فـي سورة آل عمران: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } إلـى قوله:فَنَجْعَلْ لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ } [آل عمران: 61]. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } ، وذلك أن رهطاً من أهل نـجران قدموا علـى مـحمد صلى الله عليه وسلم، وكان فـيهم السيد والعاقب، فقالوا لـمـحمد: ما شأنك تذكر صاحبنا؟ فقال: " «مَنْ هُوَ؟» قالوا: عيسى، تزعم أنه عبد الله، فقال مـحمد: «أجَلْ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ». قالوا له: فهل رأيت مثل عيسى، أو أنبئت به؟ ثم خرجوا من عنده، فجاءه جبريـل صلى الله عليه وسلم بأمر ربنا السميع العلـيـم، فقال: قل لهم إذا أتوك: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ } " .. إلـى آخر الآية. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }: ذكر لنا أن سيدي أهل نـجران وأسقـفـيهم، السيد والعاقب، لقـيا نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم، فسألاه عن عيسى؟ فقالا: كل آدميّ له أب فما شأن عيسى لا أب له؟ فأنزل الله عزّ وجلّ فـيه هذه الآية: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }. حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } لـما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع به أهل نـجران، أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم، منهم: العاقب، والسيد، وماسرجس، وماريحز، فسألوه ما يقول فـي عيسى؟ فقال:

السابقالتالي
2 3