الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

اختلف أهل التأويـل فـي السبب الذي أنزلت هذه الآية فـيه، فقال بعضهم: أنزلت فـي قوم قالوا علـى عهد النبـيّ صلى الله عليه وسلم: إنا نـحبّ ربنا، فأمر الله جلّ وعزّ نبـيه مـحمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: " إنْ كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ فِـيـما تَقُولُونَ فـاتَّبِعُونِـي، فَـإِنَّ ذَلِكَ عَلامَةُ صِدْقِكُمْ فِـيـما قُلْتُـمْ مِنْ ذَلِكَ " ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله، عن بكر بن الأسود، قال: سمعت الـحسن يقول: قال قوم علـى عهد النبـيّ صلى الله عليه وسلم: يا مـحمد إنا نـحبّ ربنا! فأنزل الله عزّ وجلّ: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } فجعل اتبـاع نبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم علـما لـحبه، وعذاب من خالفه. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا علـيّ بن الهيثم، قال: ثنا عبد الوهاب، عن أبـي عبـيدة، قال: سمعت الـحسن، يقول: قال أقوام علـى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا مـحمد إنا لنـحبّ ربنا! فأنزل الله جلّ وعزّ بذلك قرآنا: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } فجعل الله اتبـاع نبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم علـماً لـحبه، وعذاب من خالفه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج قوله: { إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } قال: كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله، يقولون: إنا نـحبُّ ربنا، فأمرهم الله أن يتبعوا مـحمداً صلى الله عليه وسلم، وجعل اتبـاع مـحمد علـماً لـحبه. حدثنـي مـحمد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الـحنفـي، قال: ثنا عبـاد بن منصور، عن الـحسن فـي قوله: { إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ }... الآية، قال: إن أقواما كانوا علـى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعمون أنهم يحبون الله، فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقاً من عمل، فقال: { إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ }... الآية. كان اتبـاع مـحمد صلى الله عليه وسلم تصديقاً لقولهم. وقال آخرون: بل هذا أمر من الله نبـيه مـحمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول لوفد نـجران الذين قدموا علـيه من النصارى: إن كان الذي يقولونه فـي عيسى من عظيـم القول إنـما يقولونه تعظيـماً لله وحبـاً له، فـاتبعوا مـحمداً صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير. { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } أي إن كان هذا من قولكم ـ يعنـي فـي عيسى ـ حبـاً لله وتعظيـماً له { فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } أي ما مضى من كفركم { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

السابقالتالي
2