الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } * { فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

يعني تعالى ذكره { وَلاَ تَحْسَبَنَّ }: ولا تظننّ. كما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ }: ولا تظننّ. وقوله: { ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعنـي: الذين قُتِلوا بـأُحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم { أَمْوٰتاً } يقول: ولا تـحسبنهم يا مـحمد أمواتاً، لا يحسون شيئاً، ولا يـلتذّون، ولا يتنعمون، فإنهم أحياء عندي، متنعمون فـي رزقـي، فرحون مسرورون بـما آتـيتهم من كرامتـي وفضلـي، وحبوتهم به من جزيـل ثوابـي وعطائي. كما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا إسماعيـل بن عياش، عن ابن إسحاق، عن إسماعيـل بن أمية، عن أبـي الزبـير الـمكي، عن ابن عبـاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَـمَّا أُصِيبَ إخْوَانُكُمْ بِـأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أرْوَاحَهُمْ فِـي أجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أنْهارَ الـجَنَّةِ، وَتأكُلُ مِنِ ثِمَارِها، وَتأْوِي إلـى قَنادِيـلَ مِنْ ذَهَبٍ فِـي ظِلِّ العَرْشِ فَلَـمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَشْرَبِهِمْ وَمأْكَلِهِمْ وَحُسْنِ مَقِـيِـلهِمْ، قالوا: يا لَـيْتَ إخْوَانَنا يَعْلَـمونَ ما صَنَعَ اللَّهُ بِنا! لِئَلاَّ يَزْهَدُوا فِـي الـجِهادِ وَلا يَنْكَلوا عَنِ الـحَرْبِ، فَقالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أنا أُبَلِّغُهمْ عَنْكمْ " فأنزل الله عز وجل علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الآيات. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير بن عبد الـحميد، وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، قالا جميعاً: ثنا مـحمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن أبـي الضحى، عن مسروق بن الأجدع، قال: سألنا عبد الله بن مسعود، عن هذه الآيات: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ }... الآية، قال: أما إنا قد سألنا عنها، فقـيـل لنا: " إنّه لـما أُصِيبَ إخْوَانُكُمْ بـأُحُدٍ، جَعَلَ الله أرْوَاحَهُمْ فـي أجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أنْهارَ الـجَنَّةِ وَتأْكُلُ مِنْ ثمارِهَا وتأوي إلـى قَنَادِيـلَ مِنْ ذَهَبٍ فـي ظِلِّ العَرْشِ، فـيطَّلع الله إلـيهم اطّلاعَةً، فـيقول: يا عبـادي ما تَشْتَهُونَ فَـأَزِيُدكُمْ؟ فَـيَقُولُونَ: رَبَّنا لا فَوْقَ ما أعْطَيْتَنَا الـجَنَّةَ، نَأْكُلُ منها حيث شِئْنَا ـ ثلاث مرات ـ ثم يَطَّلِعُ فَـيَقُولُ: يا عِبَـادي ما تَشْتَهُونَ فأزيدكم؟ فـيقولون: رَبَّنا لا فَوْقَ ما أعْطَيْتَنَا الـجَنَّةَ، نَأْكُلُ منها حَيْثُ شِئْنا، إلا أنا نَـخْتَارُ أن تَرُدَّ أرْوَاحَنا فـي أجْسَادِنا، ثم تَرُدَّنا إلـى الدُّنْـيا، فنُقَاتل فـيك حتـى نُقْتَلَ فـيك مرّة أخْرَى " حدثنا الـحسن بن يحيـى العبدي، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبـي الضحى، عن مسروق، قال: سألنا عبد الله، عن هذه الآية، ثم ذكر نـحوه، وزاد فـيه: " أنّـي قَدْ قَضَيْتُ أنْ لا تُرْجَعُوا "

السابقالتالي
2 3 4 5 6