الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ }

يقول تعالـى ذكره: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلـموا، الذين إن مكَّناهم فـي الأرض أقاموا الصلاة. و«الذين» ها هنا ردّ علـى «الذين يقاتلون». ويعنـي بقوله: { إنْ مَكَنَّاهُمْ فِـي الأرْضِ } إن وَطَّنَّا لهم فـي البلاد، فقهروا الـمشركين وغلبوهم علـيها، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول: إن نصرناهم علـى أعدائهم وقهروا مشركي مكة، أطاعوا الله، فأقاموا الصلاة بحدودها { وآتَوُا الزَّكَاةَ } يقول: وأعطوا زكاة أموالهم مَنْ جعلها الله له. { وأمَرُوا بـالـمَعْرُوفِ } يقول: ودعوا الناس إلـى توحيد الله والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الإيـمان بـالله. { وَنَهَوْا عَنِ الـمُنْكَرِ } يقول: ونهوا عن الشرك بـالله والعمل بـمعاصيه، الذي ينكره أهل الـحقّ والإيـمان بـالله. { ولِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ } يقول: ولله آخر أمور الـخـلق، يعنـي: أنّ إلـيه مصيرها فـي الثواب علـيها والعقاب فـي الدار الآخرة. وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسين الأشيب، قال: ثنا أبو جعفر عيسى بن ماهان، الذي يقال له الرازيّ، عن الربـيع بن أنس، عن أبـي العالـية، فـي قوله: { الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِـي الأرْضِ أقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ وأمَرُوا بـالـمَعْرُوف ونَهَوْا عَنِ الـمُنْكَرِ } قال: كان أمرهم بـالـمعروف أنهم دعوا إلـى الإخلاص لله وحده لا شريك له ونهيهم عن الـمنكر أنهم نهوا عن عبـادة الأوثان وعبـادة الشيطان. قال: فمن دعا إلـى الله من الناس كلهم فقد أمر بـالـمعروف، ومن نهى عن عبـادة الأوثان وعبـادة الشيطان فقد نهى عن الـمنكر.