الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }

يقول تعالـى ذكره: إن الذين جحدوا توحيد الله وكذّبوا رسله وأنكروا ما جاءهم به من عند ربهم { ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِـيـلِ الله } يقول: ويـمنعون الناس عن دين الله أن يدخـلوا فـيه، وعن الـمسجد الـحرام الذي جعله الله للناس الذين آمنوا به كافة لـم يخصص منها بعضاً دون بعض { سَوَاءً العاكِفُ فِـيهِ والبـادِ } يقول: معتدل فـي الواجب علـيه من تعظيـم حرمة الـمسجد الـحرام، وقضاء نسكه به، والنزول فـيه حيث شاء العاكف فـيه، وهو الـمقـيـم به والبـاد: وهو الـمنتاب إلـيه من غيره. واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: معناه: سواء العاكف فـيه وهو الـمقـيـم فـيه والبـاد، فـي أنه لـيس أحدهما بأحقّ بـالـمنزل فـيه من الآخر. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن يزيد بن أبـي زياد، عن ابن سابط، قال: كان الـحجاج إذا قدموا مكة لـم يكن أحد من أهل مكة بأحق بـمنزله منهم، وكان الرجل إذا وجد سعة نزل. ففشا فـيهم السرق، وكل إنسان يسرق من ناحيته، فـاصطنع رجل بـابـاً، فأرسل إلـيه عمر: أتـخذت بـابـاً من حجاج بـيت الله؟ فقال: لا، إنـما جعلته لـيحرز متاعهم. وهو قوله: { سَوَاءً العاكِفُ فِـيهِ والبْـادِ } قال: البـاد فـيه كالـمقـيـم، لـيس أحد أحقّ بـمنزله من أحد إلا أن يكون أحد سبق إلـى منزل. حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن أبـي حصين، قال: قلت لسعيد بن جُبـير: أعتكف بـمكة؟ قال: أنت عاكف. وقرأ: { سَوَاءً العاكِفُ فِـيهِ والبْـادِ }. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام عن عنبسة، عمن ذكره، عن أبـي صالـح: { سَوَاءً العاكِفُ فِـيهِ والبْـادِ } العاكف: أهله، والبـاد: الـمنتاب فـي الـمنزل سواء. حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { سَوَاءً العاكِفُ فِـيهِ والبْـادِ } يقول: ينزل أهل مكة وغيرهم فـي الـمسجد الـحرام. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { سَوَاءً العاكِفُ فِـيهِ والبْـادِ } قال: العاكف فـيه: الـمقـيـم بـمكة والبـاد: الذي يأتـيه هم فـي سواء فـي البـيوت. حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: { سَواءً العاكِفُ فِـيهِ وَالبـادِ } سواء فـيه أهله وغير أهله. حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله. حدثنا ابن حميد، قال ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد، فـي قوله: { سَوَاءً العاكفُ فِـيهِ والبْـادِ } قال: أهل مكة وغيرهم فـي الـمنازل سواء. وقال آخرون فـي ذلك نـحو الذي قلنا فـيه. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { سَوَاءً العاكِفُ فِـيهِ } قال: الساكن، والبَـادِ الـجانب سواء حقّ الله علـيهما فـيه.

السابقالتالي
2 3 4 5