الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

ثم نظر إلـى حماره، فإذا حماره قد بلـي وابـيضت عظامه فـي الـمكان الذي ربطه فـيه، فنودي: يا عظام اجتـمعي، فإن الله منزل علـيك روحاً! فسعى كل عظم إلـى صاحبه، فوصل العظام، ثم العصب، ثم العروق. ثم اللـحم، ثم الـجلد، ثم الشعر، وكان حماره جَذَعاً، فأحياه الله كبـيراً قد تشنن، فلـم يبق منه إلا الـجلد من طول الزمن، وكان طعامه سلّ عنب وشرابه دنّ خمر. قال ابن جريج عن مـجاهد: نفخ الروح فـي عينـيه، ثم نظر بهما إلـى خـلقه كله حين نشره الله، وإلـى حماره حين يحيـيه الله. وقال آخرون: بل جعل الله الروح فـي رأسه وبصره وجسده ميتاً، فرأى حماره قائما كهيئته يوم ربطه وطعامه وشرابه كهيئته يوم حلّ البقعة، ثم قال الله له: انظر إلـى عظام نفسك كيف ننشزها. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سهل بن عسكر، قال: ثنا إسماعيـل بن عبد الكريم، قال: ثنـي عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول: ردّ الله روح الـحياة فـي عين أرمياء وآخر جسده ميت، فنظر إلـى طعامه وشرابه لـم يتسنه، ونظر إلـى حماره واقـفـاً كهيئته يوم ربطه، لـم يطعم ولـم يشرب، ونظر إلـى الرمة فـي عنق الـحمار لـم تتغير جديدة. حدثت عن الـحسن، قال: سمعت أبـا معاذ، قال: ثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ } فنظر إلـى حماره قائماً قد مكث مائة عام، وإلـى طعامه لـم يتغير قد أتـى علـيه مائة عام. { وَٱنظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا } فكان أول شيء أحيا الله منه رأسه، فجعل ينظر إلـى سائر خـلقه يخـلق. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك فـي قوله: { فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ } فنظر إلـى حماره قائماً، وإلـى طعامه وشرابه لـم يتغير، فكان أول شيء خـلق منه رأسه، فجعل ينظر إلـى كل شيء منه يوصل بعضه إلـى بعض. فلـما تبـين له، قال: أعلـم أن الله علـى كل شيء قدير. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنه أول ما خـلق الله منه رأسه، ثم ركبت فـيه عيناه، ثم قـيـل له: انظرٰ فجعل ينظر، فجعلت عظامه تواصل بعضها إلـى بعض، وبعين نبـيّ الله علـيه السلام كان ذلك. فقال: أعلـم أن الله علـى كل شيء قدير. حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: { وَٱنظُرْ إِلَىٰ * طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ } وكان حماره عنده كما هو، { وَلِنَجْعَلَكَ ءايَةً لِلنَّاسِ وَٱنظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا }.

PreviousNext
   1011 12 13 14 15 16 17 18 19 20