الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ }

ويعنـي بقوله: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ }: فأمض وافرُق، كما قال أبو ذُؤَيب:
وكأنَّهُنَّ رِبـابَةٌ وكأنَّهُ   يَسَرٌ يُفـيضُ علـى القِداح ويَصْدَعُ
يعنـي بقوله: «يَصْدَع» يُفَرِّق بـالقداح. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } يقول: فـامْضِهْ. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } يقول: افعل ما تؤمر. حدثنـي الـحسين بن يزيد الطحان، قال: ثنا ابن إدريس، عن لـيث، عن مـجاهد، فـي قوله: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال: بـالقرآن. حدثنـي نصر بن عبد الرحمن الأَوْديّ، قال: ثنا يحيى بن إبراهيـم، عن سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال: هو القرآن. حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيـل، عن لـيث، عن مـجاهد، فـي قوله: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال: بـالقرآن. حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيـل، عن لـيث، عن مـجاهد، فـي قوله: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال: الـجهر بـالقرآن فـي الصلاة. حدثنا أحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا شريك، عن لـيث، عن مـجاهد: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال: بـالقرآن فـي الصلاة. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل جميعاً، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال: اجهر بـالقرآن فـي الصلاة. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا موسى بن عبـيدة، عن أخيه عبد الله بن عبـيدة قال: ما زال النبـيّ صلى الله عليه وسلم مستـخفـياً حتـى نزلت: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَر وأعْرِضْ عَنِ الـمُشْرِكِينَ } فخرج هو وأصحابه. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } قال: بـالقرآن الذي يوحى إلـيه أن يبلغهم إياه. وقال تعالـى ذكره: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } ولـم يقل: بـما تؤمر به، والأمر يقتضي البـاء لأن معنى الكلام: فـاصدع بأمرنا، فقد أمرناك أن تدعو إلـى ما بعثناك به من الدين خَـلقـي وأذنَّا لك فـي إظهاره. ومعنى «ما» التـي فـي قوله { بِـمَا تُؤْمَرُ } معنى الـمصدر، كما قال تعالـى ذكرهيا أبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ } معناه: افعل الأمر الذي تؤمر به. وكان بعض نـحويِّـي أهل الكوفة يقول فـي ذلك: حذفت البـاء التـي يوصل بها تؤمر من قوله: { فـاصْدَعْ بِـمَا تُؤْمَرُ } علـى لغة الذين يقولون: أمرتك أمراً. وكان يقول: للعرب فـي ذلك لغتان: إحداهما أمرتك أمراً، والأخرى أمرتك بأمر، فكان يقول: إدخال البـاء فـي ذلك وإسقاطها سواء.

PreviousNext
1 3