الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } * { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } * { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } * { ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ }

اختلفت القراء في قراءة: { لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِمْ } ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بياء بعد همز لإيلاف وإيلافهم، سوى أبي جعفر، فإنه وافق غيره في قوله { لإيلافِ } فقرأه بياء بعد همزة، واختلف عنه في قوله { إيلافِهِمْ } فروي عنه أنه كان يقرؤه: «إلْفِهِمْ» على أنه مصدر من ألف يألف إلفاً، بغير ياء. وحَكى بعضهم عنه أنه كان يقرؤه: «إلافِهِمْ» بغير ياء مقصورة الألف. والصواب من القراءة في ذلك عندي: من قرأه: { لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِمْ } بإثبات الياء فيهما بعد الهمزة، من آلفت الشيء أُولفه إيلافاً، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. وللعرب في ذلك لغتان: آلفت، وألفت فمن قال: آلفت بمد الألف قال: فأنا أؤالف إيلافاً ومن قال: ألفت بقصر الألف قال: فأنا آلَفُ إلْفاً، وهو رجل آلِفٌّ إلْفاً. وحُكي عن عكرِمة أنه كان يقرأ ذلك: «لتألُّفِ قُرَيْشٍ إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ والصَّيْفِ». حدثني بذلك أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن أبي مكين، عن عكرِمة. وقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك، ما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مِهْران، عن سفيان، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، قالت: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ: «إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ». واختلف أهل العربية في المعنى الجالب هذه اللام في قوله: { لإيلافِ قُرَيْشٍ } ، فكان بعض نحويي البصرة يقول: الجالب لها قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مأْكُولٍ فهي في قول هذا القائل صلة لقوله جعلهم، فالواجب على هذا القول، أن يكون معنى الكلام: ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل، نعمة منا على أهل هذا البيت، وإحساناً منا إليهم، إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف، فتكون اللام في قوله { لإِيلافِ } بمعنى إلى، كأنه قيل: نعمة لنعمة وإلى نعمة، لأن إلى موضع اللام، واللام موضع إلى. وقد قال معنى هذا القول بعض أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { إيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ } قال: إيلافهم ذلك فلا يشقّ عليهم رحلة شتاء ولا صيف. حدثني إسماعيل بن موسى السديّ، قال: أخبرنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد { لإيلافِ قُرَيْشٍ } قال: نعمتي على قريش. حدثني محمد بن عبد الله الهلاليّ، قال: ثنا فَرْوة بن أبي المَغْراء الكِندّي، قال: ثنا شريك، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، مثله. حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهانيّ، قال: ثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة، قال: ثني أبي، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في قوله: { لإيلافِ قُرَيْشٍ } قال: نعمتي على قريش.

السابقالتالي
2 3 4