قوله تعالى: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: وقود جهنم، وهو قول بن عباس. الثاني: معناه حطب جهنم، وقرأ علي بن أبي طالب وعائشة: حطب جهنم. الثالث: أنهم يُرمَون فيها كما يُرْمَى بالحصباء، حتى كأن جهنم تحصب بهم، وهذا قول الضحاك، ومنه قول الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام يضربنا
بحاصب كنديف القطن منثور
يعني الثلج، وقرأ ابن عباس: حضب جهنم، بالضاد معجمة. قال الكسائي: حضبت النار بالضاد المعجمة إذا أججتها فألقيت فيها ما يشعلها من الحطب. قوله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى } فيها ثلاثة تأويلات: أحدها: أنها الطاعة لله تعالى: حكاه ابن عيسى. والثاني: السعادة من الله، وهذا قول ابن زيد. والثالث: الجنة، وهو قول السدي. ويحتمل تأويلاً رابعاً: أنها التوبة. { أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } يعني عن جهنم. وفيهم ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم عيسى والعزير والملائكة الذين عُبِدوا من دون الله وهم كارهون وهذا قول مجاهد. الثاني: أنهم عثمان وطلحة والزبير، رواه النعمان بن بشيرعن علي بن أبي طالب. الثالث: أنها عامة في كل من سبقت له من الله الحسنى. وسبب نزول هذه الآية ما حكي أنه لما نزل قوله تعالى: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دَونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } قال المشركون: فالمسيح والعزير والملائكة قد عُبِدُوا، فأنزل الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مَّنَّا الْحُسْنَى أُولئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } يعني عن جهنم، ويكون قوله: { مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } محمولاً على من عذبه ربه. قوله عز وجل: { لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الفزع الأكبر النفخة الأخيرة، وهذا قول الحسن. والثاني: أنه ذبْحُ الموتِ، حكاه ابن عباس. والثالث: حين تطبق جهنم على أهلها، وهذا قول ابن جريج. ويحتمل تأويلاً رابعاً: أنه العرض في المحشر.