{ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ } أي فلق الحب عن النبات، ومخرج منها الزرع وشاق النوى عن الشجر والنخل ومخرجها منها. وقال مجاهد: يعني الشقين الذين عناهما. وقال الضحاك: فالق الحب والنوى، الحب جمع الحبة وهي كل ما لم يكن لها نواة مثل البر والشعير والذرة والحبوب كلها. { وَٱلنَّوَىٰ } جمع النواة وهي كل ما يكون له حب مثل الخوخ والمشمش والتمر والأجاص ونحوها. { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } تصدون عن الحق { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } شاق عمود الصبح من ظلمة الليل وكاشفه. وقال الضحاك: خالق النهار، والأصباح مصدر كالإقبال والإدبار وهي الإضاءة. وقرأ الحسن والقيسي: فالق الأَصباح بفتح الهمزة جعله جمع مثل قرص وأقراص. { وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً } سكن فيه خلقه. وقرأ النخعي: فلق الأصباح وجعل الليل سكناً. وقرأ أهل الكوفة: فالق الأصباح وجعل الليل سكناً على الفعل إتباعاً للمصحف. وقرأ الباقون: كلاهما بالألف على الإسم. { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً } أي جعل الشمس والقمر بحساب لا يجاوزاه حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهما. وقرأ [يزيد بن قعنب]: والشمس والقمر بالخفض عطفاً على اللفظ، والحسبان مصدر كالنقصان والرحمان وقد يكون جمع حساب مثل شهاب وشهبان، وركاب وركبان. { ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ * وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ } أي خلقها { لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم } خلقكم وابتدأكم { مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } يعني آدم (عليه السلام). { فَمُسْتَقَرٌّ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: فمستقر بكسر القاف على الفاعل يعني فلكم مستقر. وقرأ الباقون: بفتح على معنى فلكم مستقر. واختلف المفسرون في المستقر والمستودع. فقال عبد اللّه بن مسعود: فمستقر في الرحم إلى أن يوادع مستودع في القبر إلى أن يبعث. وقال مقسم: مستقر حيث يأوي إليه، ومستودع حيث يموت. وقال سعيد بن جبير: فمستقر في بطون الأمهات، ومستودع في أصلاب الآباء. وقال: قال لي ابن عباس (رضي الله عنه) أتزوجت يابن جبير؟ فقلت: لا وما أريد ذلك بوجه. قال: فضرب ظهري وقال: إنه مع ذلك ما كان مستودع في ظهرك فسيخرج. عكرمة عن ابن عباس: المستقر الذي قد خلق واستقر في الرحم، والمستودع الذي قد استودع في الصلب مما لم يخلق بعد وهو خالقه. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: المستقر في الرحم، والمستودع ما استودع في أصلاب الرجال والدواب. مجاهد: فمستقر على ظهر الأرض في الدنيا. ومستودع عند اللّه تعالى في الآخرة. وقال أبو العالية: مستقرها أيام حياتها، ومستودعها حيث تموت وحيث يبعث. وقال كرب: دعاني ابن عباس (رضي الله عنه) فقال: اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه بن عباس إلى فلان حبر تيماء، أما بعد فحدثني عن مستقر ومستودع.