الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }

قوله: { قُرَّةُ عَيْنٍ }: فيه وجهان، أظهرهما: أنَّه خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: هو قُرَّةُ عينٍ. والثاني: ـ وهو بعيدٌ جداً ـ أَنْ يكونَ مبتدأ، والخبرُ " لا تَقْتُلوه ". وكأنَّ هذا القائلَ حقُّه أَنْ يُذَكَّر فيقول: لا تقتلوها إلاَّ أنه لمَّا كان المرادُ مذكراً ساغَ ذلك.

والعامَّة من القرَّاء والمفسرين وأهلِ العلم يقفون على " ولَكَ ". ونقل ابن الأنباري بسنده إلى ابن عباس عنه أنه وَقَف على " لا " أي: هو قُرَّةُ عينٍ لي فقط، ولك لا، أي ليس هو لك قرةَ عين، ثم يَبْتَدِىء بقوله " تَقْتُلوه " ، وهذا لا ينبغي أن يَصِحَّ عنه، وكيف يَبْقَى " تَقْتُلوه " من غيرِ نونِ رفعٍ ولا مُقْتَضٍ لحَذْفِها؟ ولذلك قال الفراء: " هو لحنٌ.

قوله: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } جملةٌ حاليةٌ. وهل هي من كلامِ الباري تعالىٰ وهو الظاهرُ، أو من كلامِ امرأةِ فرعون؟ كأنَّها لَمَّا رأَتْ مَلأَه أشاروا بقتلِه قالَتْ له كذا أي: افعلَ أنتَ ما أقولُ لك، وقومُك لا يَشْعُرون. وجَعَل الزمخشريُّ الجملةَ مِنْ قولِه: { وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } معطوفةً على " فالتقطه " ، والجملةَ مِنْ قولِه: { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ } إلى " خاطئين " معترضاً بين المتعاطفين/، وجَعَلَ متعلَّقَ الشعور مِنْ جنسِ الجملةِ المعترضةِ أي: لا يَشْعُرون أنهم على خطأ في التقاطِه. قال الشيخ: " ومتى أمكن حَمْلُ الكلامِ على ظاهرِه مِنْ غيرِ فصلٍ كان أحسنَ ".