الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً } آلة الزينة أَو هى ما يتزين به من ذهب وفضة وغيرهما وملابس ومراكب والانية الفاخرة والفرش الباهرة والسروج الثمينة وغير ذلك:
لا تعجبن الجهول حلتـه   فذاك ميت وثوبه كفنه
{ وَأَمْوَالاً فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } بعد تخصيص، وقيل الزينة الجمال وصحة البدن وطول القامة ونحو ذلك، والمراد بالأَموال أَنواع من المال كالدنانير والدراهم والعبيد والأَغنام والحيوانات. قال ابن عباس كان لهم من بناءِ فسطاط مصر إِلى أَرض الحبشة جبال فيها معادن ذهب وفضة وزبرجد وياقوت { رَبَّنَا } تأْكيد للنداءِ الأَول أَو فعلت ذلك يا ربنا { لِيُضِلُوا عَنْ سَبِيلِكَ } دينك، واللام للتعليل فصدهم بإِيتاءِ ذلك ليضلوا وذلك خذلان، أَو لما جعلوا ذلك سبباً للضلال أَشبهوا من أُوتيه ليضل به، أَو هى لام العاقبة فيكون فى ذلك استعارة تبعية، وقيل اللام للدعاءِ ولام العاقبة تكون فى كلام الله تعالى كما تكون فى كلام غيره، إِلا اَنه عز وجل عالم بالعاقبة بلا أَول لعلمه، ولام التعليل لام الإِرادة ولو فى معصية كالضلال فى الآية لأَنه مريد للمعصية وإِلا لزم أَنه وقع فى ملكه أَمر بلا إِرادة منه، فيكون مقهوراً، وعلم موسى عاقبتهم ضلالا بالوحى، وإِذا جعلت للتعليل صح على حقيقته وصح بالاستعارة تمثيله، شبه حال فرعون وقومه وجعلهم نعم الله ذريعة إِلى الإِصرار على الكفر بحال من أُوتى النعم ليضل بها، فاستعمل اللفظ الموضوع للثانى فى الأَول، ويكفى فى التشبيه وجود المشبه فرضاً به، كما هنا لا حقيقة فإِن الله عز وجل يعطى المال ليطاع به لا ليعصى به، ومن شأْن من أَراد العقاب أَن يذكر أَولا موجبه فذكره موسى عليه السلام أَولا ثم دعا بالعقاب فقال { رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ } هذه ثلاثة أَدعية إِذا قلنا لا يؤمنوا وتتم أَربعة بقوله ليضلوا إِذا جعلنا اللام لام الدعاءِ فيكون اللفظ أَمراً لهم بالضلال، والمعنى دعاءُ الله أَن يبقيهم عليه لما رآهم لا يزيدون على زيادة الوعظ إِلا كفْرا أَو فى صورة نهيهم عن الإِيمان والمراد دعاءُ الله أَن يميتهم على الكفر، ويجوز عطف لا يؤمنون على يضلوا ونصبه فى جواب اشدد وهو أَولى، ومعنى الطمس على أَموالهم إِذهابها، قاله مجاهد، وقال الجمهور إِزالة صورها بالمسخ وتغييرها عن هيئتها، قال قتادة صارت أَموالهم وحروثهم وزروعهم وجواهرهم حجارة، قال ابن عباس صارت دراهمهم ودنانيرهم ونحاسهم حجارة منقوشة كهيئتها صحاحاً وأَنصافاً وأَثلاثاً، وأَخرج عمر بن عبد العزيز حريطة فيها بعض بقاياهم البيضة منقوشة وهى حجر، قال السدى مسخ الله أَموالهم حجارة والنخل والثمار والدقيق والأَطعمة. وأَما ما روى عن محمد بن كعب: صار الرجل مع امرأَته حجرين والمرأَة تخبز قائِمة صارت حجراً، فلا يصح لأَنها فى مسخ أَموالهم، وقد يكون لبعضهم ذلك مع مسخ الأَموال.

السابقالتالي
2 3