الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ }

قوله تعالى: { فَإِن رَّجَعَكَ }: " رجع " يتعدىٰ، كهذه الآية الكريمة، ومصدرُه الرَّجْع، كقوله:وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } [الطارق: 11]، ولا يتعدىٰ نحو: { وَإِلَيْنَا تُرْجِعُونَ } [الأنبياء: 35]، في قراءة مَنْ بناه للفاعل، والمصدر الرجوع كالدخول.

قوله: { أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، قد تقدَّم ذلك. وقال أبو البقاء: " هي ظرفٌ " ، قال الشيخ: " ويعني ظرفَ زمان وهو بعيد "./ لأن الظاهرَ أنها منصوبةٌ على المصدر، وفي التفسير: أولَ خَرْجَةٍ خَرَجَها رسول الله، فالمعنى: أولَ مرة من الخروج. قال الزمخشري: " فإن قلت " مرة " نكرة وُضِعَتْ موضع المرات من التفضيل، فلِمَ ذُكِرَ اسمُ التفضيلِ المضافُ إليها وهو دالٌّ على واحدةٍ من المرات؟ قلت: أكثر اللغتين: " هند أكبرُ النساء وهي أكبرُهن " ، ثم إنَّ قولَك: " هي كبرى امرأة " ، لا تكاد تعثر عليه، ولكن " هي أكبر امرأة وأول مرة وآخر مرة ".

قوله: { مَعَ ٱلْخَالِفِينَ } هذا الظرفُ يجوز أن يكونَ متعلقاً بـ " اقعدوا " ، ويجوز أن يتعلَّق بمحذوفٍ لأنه حال من فاعل " اقعدوا ". والخالِفُ: المتخلِّفُ بعد القوم. وقيل: الخالف: الفاسد. " مَنْ خَلَفَ " ، أي: فَسَد، ومنه " خُلوف فم الصائم " ، والمراد بهم النساءُ والصبيانُ والرجالُ العاجزون، فلذلك جاز جمعُه للتغليب. وقال قتادة: " الخالِفُون: النساء " ، وهو مردودٌ لأجل الجمع. وقرأ عكرمة ومالكُ بن دينار " مع الخَلِفين " مقصوراً مِنَ الخالِفين كقوله:
2523 ـ مثل النَّقَا لَبَّده بَرْدُ الظِّلَلْ   
وقوله:
2524 ـ...................عَرِدا   ..................بَرِدا
يريد:الظلال وعارِداً بارداً.