الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }

{ لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ }.

قال الرازيّ: هذا قول اليعقوبية منهم. يقولون إن مريم ولدت إلهاً. قال: ولعل معنى هذا المذهب أنهم يقولون: إن الله تعالى حلّ في ذات عيسى واتّحد بها، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

وقد سبق الكلام على مثل هذه الآية في هذه السورة مفصّلاً، فتذكّر.

ثم بين تعالى أنهم صمّوا عن مقالات عيسى الداعية إلى التوحيد، كما عَمُوا عما فيه من أمارات الحدوث، بقوله سبحانه: { وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ولم يقل اعبدوني. ثم صرّح بقوله: { رَبِّي وَرَبَّكُمْ } قلعاً لمادة توهم الاتحاد { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ } كيف والشرك أعظم وجوه الظلم { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } أي: ما لهم من أحد ينصرهم بإنقاذهم من النار، إما بطريق المغالبة أو بطريق الشفاعة. والجمع لمراعاة المقابلة بـ (الظالمين)؛ و (اللام) إما للعهد، والجمع باعتبار معنى (مَنْ) كما أن الإفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها. وإما للجنس وهم داخلون فيه دخولاً أولياً ووضعه على الأول موضع الضمير، للتسجيل عليهم بأنهم ظلموا بالإشراك وعدلوا من طريق الحقّ. والجملة تذييل مقرِّر لما قبله. وهو إمّا من تمام كلام عيسى عليه السلام، وإمّا وارد من جهته تعالى، تأكيداً لمقالته عليه السلام، وتقريراً لمضمونها. أفاده أبو السعود.

ثم بيّن تعالى كفر طائفةٍ أخرى منهم بقوله سبحانه:

{ لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ... }.