الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }

{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ } بأشياء لم تجتمع للجن والملائكة وسائر الحيوانات، كحسن الصورة، قال الله عز وجل:فأحسن صوركم } [غافر: 64، التغابن: 3] وقال فيهم:فتبارك الله أحسن الخالقين } [المؤمنون: 14] وقال:لقد خلقا الإنسان فى أحسن تقويم } [التين: 4] وكاعتدال المزاج لجعل قوتهم أطيب الأقوات، وجعل لغيرهم ما دونه وما فضل منه، وما خبث، وكاعتدال القامة وانتصابها، وكالتمييز بالعقل والإفهام بالنطق، والإشارة باليد والعين والرأس، والكتابة، وبها يجتمع لمن تأخر علوم من تقدم، قال الله جل وعلا:اقرأ باسم } [العلق: 1] إلخ وقال:ن } [القلم: 1] إلخ وعنه قيل: " أو أثارة " الخ.

وكالاهتداء إِلى أسباب المعاش والمعاد، والتسلط على الأرض وحيوانها، وما فيها كشرب ما بها، والاغتسال به، والحرث والغرس، وأكل ثمارهما، وسائر ثمارها، وصيد برها وبحرها، وسخر لكم البحر لتأكلوا إلخ، وهوائها وهو من مواد الحياة، ولولا الريح لأنتنت الأرض، وبالنار وبالاستضاءة بها، وبمعادنها وكتناول الطعام باليد. قال ابن عباس: كل حيوان يتناول طعامه بفيه إلا الإنسان فبيده، ويصدر هذا من هر وقرد، إِلا أنه لا فضيلة لأكلهما باليد، لأنهما من ذوات الأربع، إِذ يطآن الأرض بأيديهما ويمسحان القاذورات بها مع قلة أكل الهر بها، وكتزين الرجال باللحى والنساء بالنواصى، وعبارة بعض بالذوائب، قيل: وبخلق أبيهم آدم بيده، وبأن منهم خير أمة أخرجت للناس، والتكريم جعل الشئ ذا شئ كريم، أى شئ مستحسن، ولا يعتبر فى مفهومه الإضافة إلى الغير، بخلاف التفضيل.

{ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى البَرِّ } على الدواب { وَالْبَحْرِ } على السفن، وليس المراد عدم دخولهم فى الأرض والماء بالبقاء على ظهرهما، لأن الحيوانات شاركتهم فى ذلك قبل.

{ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } مما يستلذ أكلا وشرباً، ولبساً وركوبًا واقتناء، وغير ذلك.

{ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } قيل: بالتعريض لاكتساب ما فيه النجاة، والزلفى بواسطة ما كرمناهم به، ويشكروه، وقيل: بالغلبة يلزم أن لا يكون أفضل من الجن والملائكة، لأنهم لم يستولوا على الجن والملائكة، فالكثير هم غير الجن والملائكة، وقيل: بالشرف، فغير الكثير الملائكة، وهم أفضل من الإنسان ونسب لابن عباس والزجاج، وقيل: غير الكثير خواص الملائكة فخواصهم أفضل من الإنسان، والإنسان أفضل من سائرهم، وخواصهم هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، وحملة العرش، والذى يكون صفًّا وسائر الملائكة صفًّا.

وقيل: الناس أفضل من سائر الملائكة وغيرهم، إلا أنه فسد من فسد بعد هذا بالمعاصى منهم، فضيّع هذه الفضيلة، وكثير على هذا بمعنى الكل، كما يستعمل الأكثر بمعنى الكل، قال الله عز وجل:هل أنبئكم على من تنزَّل الشياطين } [الشعراء: 221] إلى

السابقالتالي
2