الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } اخبر الله سبحانه عن قوم نقضوا حظ انفسهم منه باشتغالهم بحظ أنفسهم من الكون وعن مرارة قلوبهم بمر البعد لو يخرجون من ظلماتها وحجابها الى انوار رؤية النبى صلى الله عليه وسلم يبصرون فى وجهه طلعة جلالى وجمالى فيخرجون فى رؤيته عن اشتغالهم بالكون فيرجعون من انفسهم بنعت الخجل والحياء الى ساحة كرمه ويقفون على باب عظمته مرهونين باستغفار النبى صلى الله عليه وسلم لأن عليهم بقايا الذنوب من ترك الحرمة فى ديوان النبوة التي لا ترفع عنهم الا بشفاعته عليه السلام فاذا كانوا كذلك يجدون الله بنعت الاقبال عليهم وقبولهم وارشادهم بنفسه الى نفسه قال ابن عطاء فى هذه الاية اى لو جعلوك الوسيلة الى لوصلوا الى قوله تعالى { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } بين الله سبحانه انه عليه السلام سبب ايمان الكل والايمان به يكون بمحل الايمان بالله وقد اشار هٰهنا الى مقام الاتحاد وعين الجمع واقسم الاية بنفسه تعالى على ذلك اعلاماً بان الحبيب والمحبوب واحد في المحبة وبين ان حقائق الحكم ودقائق الدين لا يظهر الا عنده لانه لسان بيان الحق فى العالم ونفى الحكم عن غيره من الجبت والطاغوت الذين قرأوا الكتب ولم يظفرو بحقائقها وصرح فى بيان الاية ان من اسلم وسلم الحكم اليه لم يبلغ حقائق الايمان إلا سلامة الصدر وسكونه عند قبوله امره لان الطمأنينة هي موضع اليقين وحقيقة الايمان هو اليقين وهذا معنى قوله تعالى { ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوْا تَسْلِيماً } قال ابو حفص رضى الله تعالى من عباده لنفسه بظاهر القول ولم يرض لنبيه صلى الله عليه وسلم الا باخلاص القلب والرضا بحكمه ساء أم سر ومن لم يكن للنبى صلى الله عليه وسلم مستقيما ظاهر وباطنا وسرا وعلنا وحقيقة ورسما كان بعيدا من حقيقة الاسلام ومراتب المسلمين قال عبد العزيز المكى قسم الحبيب للحبيب بالحبيب انهم لا يؤمنون حتى يحكموك فيا لها من شرف ويا لها من كرامة حارت فيه أوهام الخلائق وجعل نفسه لنفسه وجعل الرضا بحكمه كالرضا بحكمه ما وجب على خلقه الرضا والتسليم بحكم نبيه عليه السلام كما اوجب عليهم الرضا والتسليم بحكمه فهكذا انسان المتحابين وقال بعضهم في هذه الاية اظهر الحق على حبيبه خلعة من خلع الربوبية فجعل الرضا بحكمه ساء ام سر سببا لإيمان المؤمنين كما جعل الرضا بقضائه لايقان الموقنين فاسقط عنه اسم الواسطه لأنه متصف بأوصاف الحق متخلق باخلاقه الا ترى كيف قال حسان
فذوا العرض محمود وهذا محمد   
وقال الاستاذ سيد الطريق الى نفسه على الكافة الا بعد الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فمن لم يمش تحت رايته فليس من الله فى نفس ثم جعل من شرط الايمان زوال المعارضة بالكلية بقوله ثم لا يجدوا فى انفسهم حرجا مما قضيت فلا بد لك من ملقي المهالك بوجه ضاحك.