{ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } فيه وجهان: أحدهما: أن بطائنها يريد به ظواهرها، قاله قتادة. والعرب تجعل البطن ظهراً فيقولون هذا بطن السماء وظهر السماء. الثاني: أنه أراد البطانة دون الظهارة، لأن البطانة إذا كانت من إستبرق وهي أدون من الظاهرة دل على أن الظهارة فوق الإستبرق، قاله الكلبي. وسئل عباس فما الظواهر؟ قال: إنما وصف لكم بطائنها لتهتدي إليه قلوبكم فأما الظواهر فلا يعلمها إلا الله. { وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } فأما الجنا فهو الثمر، ومنه قول الشاعر:
هذا جناي وخياره فيه
إذ كل جان يده إلى فيه
وفي قوله: { دَانٍ } وجهان: أحدهما: داني لا يبعد على قائم ولا على قاعد، قاله مجاهد. الثاني: أنه لا يرد أيديهم عنها بُعد ولا شوك، قاله قتادة. { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ } قال قتادة: قصر طرفهن على أزواجهن، لا يسددن النظر إلى غيرهم، ولا يبغين بهم بدلاً. { لَمْ يَطْمَثهنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لم يمسسهن، قال أبو عمرو: الطمث المس، وذلك في كل شيء يمس. الثاني: لم يذللهن إنس قبلهم ولا جان، والطمث: التذليل، قاله المبرد. الثالث: لم يُدْمِهُنَّ يعني إنس ولا جان، وذلك قيل للحيض طمث، قال الفرزدق:
دفعن إليَّ لم يطمثن قبلي
وهن أصح من بيض النعام
وفي الآية دليل على أن الجن تغشى كالإنس . { هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ } فيه أربعة أوجه: أحدها: هل جزاء الطاعة إلا الثواب. الثاني: هل جزاء الإحسان في الدنيا إلا الإحسان في الآخرة، قاله ابن زيد. الثالث: هل جزاء من شهد أن لا إله إلا الله إلا الجنة، قاله ابن عباس. الرابع: هل جزاء التوبة إلا المغفرة، قاله جعفر بن محمد الصادق. ويحتمل خامساً: هل جزاء إحسان الله عليكم إلا طاعتكم له.