الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ }

هذه الآية تقرير وإيضاح للتي قبلها. والوعد الحسن الثواب لأنه منافع دائمة على وجه التعظيم والاستحقاق، وأي شيء أحسن منها، ولذلك سمى الله الجنة بالحسنى. و { لاَقِيهِ } كقوله تعالى { وَلَقَّـٰهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } ، وعكسهفَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } مريم 59 { مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } من الذين أحضروا النار. ونحوهلَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } الصافات 57،فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } الصافات 127 قيل نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل. وقيل في علي وحمزة وأبي جهل. وقيل في عمار بن ياسر والوليد بن المغيرة. فإن قلت فسر لي الفاءين وثم، وأخبرني عن مواقعها. قلت قد ذكر في الآية التي قبلها متاع الحياة الدنيا وما عند الله وتفاوتهما، ثم عقبه بقوله { أَفَمَن وَعَدْنَـٰهُ } على معنى أبعد هذا التفاوت الظاهر يسوّي بين أبناء الآخرة وأبناء الدنيا، فهذا معنى الفاء الأولى وبيان موقعها. وأمّا الثانية فللتسبيب لأن لقاء الموعود مسبب عن الوعد الذي هو الضمان في الخير. وأمّا «ثم» فلتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع، لا لتراخي وقته عن وقته. وقرىء «ثم هو» بسكون الهاء، كما قيل عضْد في عضُد. تشبيهاً للمنفصل بالمتصل، وسكون الهاء في فهو وهو، ولهو أحسن لأنّ الحرف الواحد لا ينطق به وحده فهو كالمتصل.