الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قلت: " المَثُلات ": جمع مَثُلَة، كَسَمُرة، وهي العقوبة العظيمة، التي تجعل الإنسان مثلاً لمن بعده. وفيها لغات وقراءات شاذة. وعلى ظلمهم: حال، والعامل فيه: المغفرة. يقول الحق جل جلاله: { ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } أي: بالنقمة قبل العافية، طلبوا نزول العذاب الذي أوعدهم به استهزاء، { وقد خَلَتْ }: مَضَتْ { من قََبلِهم المَثُلات }: عقوبات أمثالهم من المكذبين، أو المصيبات الدواهي، حتى صاروا مثلاً لمن بعدهم. فما لهم لم يعتبروا، ولم يخافوا حلول مثلها عليهم؟ { وإنَّ ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } أي: مع ظلمهم أَنْفُسَهم بالكفر والمعاصي، فسترهم وأمهلهم في الدنيا. فالمغفرة هنا لغوية، وقيل: يغفر لهم بالتوبة. وقيل: بلا قيد التوبة، بل بمجرد الحلم. قال البيضاوي: وفيه جواز العفو قبل التوبة، فإن التائب ليس على ظلمه، ومن منع ذلك خص الظلم بالصغائر المكفرة باجتناب الكبائر. هـ. { وإنَّ ربك لشديدُ العقاب } لمن يريد تعذيبه، أو للكفار. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لَوْلاَ عَفْوُ اللَّهِ وَتَجَاوُزُه مَا هنَأ أَحَد العَيْش، وَلَوْلاَ وَعِيدُهُ وعِقَابُه لاتَّكَلَ كُلُّ أحَد " قاله البيضاوي. الإشارة: ترى بعض المستهزئين بالأولياء يؤذيهم بلسانه، أو بغيره، ويقول: إن كان بيده ما يفعل يفعله بي، والله تعالى يقول: " مَنْ آذَى لِي ولياً فقد آذَنْتُهُ بالحَرْب " ولكن الحق تعالى يُمهل ولا يُهمل { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب }. ثم طلبوا المعجزة