{ إن الإبرار يَشْربونَ } في الأبرار قولان: أحدهما: أنهم الصادقون، قاله الكلبي. الثاني: المطيعون، قاله مقاتل. وفيما سُمّوا أبراراً ثلاثة أقاويل: أحدها: سمّوا بذلك لأنهم برّوا الآباء والأبناء، قاله ابن عمر. الثاني: لأنهم كفوا الأذى، قاله الحسن. الثالث: لأنهم يؤدون حق الله ويوفون بالنذر، قاله قتادة. وقوله { مِن كأسٍ } يعني الخمر، قال الضحاك: كل كأس في القرآن فإنما عنى به الخمر. وفي وقوله { كان مِزاجها كافوراً } قولان: أحدهما: أن كافوراً عين في الجنة اسمها كافور، قاله الكلبي. الثاني: أنه الكافور من الطيب فعلى هذا في المقصود منه في مزاج الكأس به ثلاثة أقاويل: أحدها: برده، قال الحسن: ببرد الكافور وطعم الزنجبيل. الثاني: بريحه، قاله قتادة: مزج بالكافور وختم بالمسك. الثالث: طعمه، قال السدي: كأن طعمه طعم الكافور. { عَينْاً يَشْرَبُ بها عبادُ اللَّهِ } يعني أولياء اللَّه، لأن الكافر لا يشرب منها شيئاً وإن كان من عباد الله، وفيه وجهان: أحدهما: ينتفع بها عباد الله، قاله الفراء. الثاني: يشربها عباد الله. قال مقاتل: هي التسنيم، وهي أشرف شراب لاجنة، يشرب بها المقربون صِرفاً، وتمزج لسائر أهل الجنة بالخمر واللبن والعسل. { يُفَجِّرونَها تفْجيراً } فيه وجهان: أحدهما: يقودونها إلى حيث شاءوا من الجنة، قاله مجاهد. الثاني: يمزجونها بما شاءوا، قاله مقاتل. ويحتمل وجهاً ثالثاً: أن يستخرجوه من حيث شاءوا من الجنة. وفي قوله " تفجيراً " وجهان: أحدهما: أنه مصدر قصد به التكثير. الثاني: أنهم يفجرونه من تلك العيون عيوناً لتكون أمتع وأوسع. { يُوفُونَ بالنّذْرِ } فيه أربعة أوجه: أحدها: يوفون بما افترض الله عليهم من عبادته، قاله قتادة. الثاني: يوفون بما عقدوه على أنفسهم من حق الله، قاله مجاهد. الثالث: يوفون بالعهد لمن عاهدوه، قاله الكلبي. الرابع: يوفون بالإيمان إذا حلفوا بها، قاله مقاتل. ويحتمل خامساً: أنهم يوفون بما أُنذِروا به من وعيده. { ويَخافون يوْماً كان شَرُّه مُسْتَطيراً } قال الكلبي عذاب يوم كان شره مستطيراً، وفيه وجهان: أحدهما: فاشياً، قاله ابن عباس والأخفش. الثاني: ممتداً، قاله الفراء، ومنه قول الأعشى:
فبانتْ وقد أَوْرَثَتْ في الفؤادِ
صَدْعاً على نأيها مُستطيرا
أي ممتداً. ويحتمل وجهاً ثالثاً يعني سريعاً. { ويُطْعمونَ الطعامَ على حُبِّهِ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: على حب الطعام، قاله مقاتل. الثاني: على شهوته، قاله الكلبي. الثالث: على قلته، قاله قطرب. { مسكيناً ويتيماً وأسيراً } في الأسير ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه المسجون المسلم، قاله مجاهد.