قولُه سبحانه وتعالَى: { طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } قيل: طه: آسْمٌ من أَسْمَاءِ نَبِيِّنَا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم وقِيلَ: معناه: يا رَجُلُ؛ بالسُّرْيَانِيّة، وقِيلَ: بغيرها مِنْ لُغَاتِ العَجَمِ. قال البخاريُّ: قال ابن جُبَيْرٍ: { طه }: يا رجلُ، بالنَّبطِيَّة. انتهى. وقيل: إنها لغةٌ يَمَانِيةٌ في «عَكَّ»؛ وأَنشد الطبريُّ في ذلك: [الطويل]
دَعَوْتُ بـــ «طَه» فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُجِب
فَخِفْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُوَائِلاَ
وقال آخرُ: [البسيط]
إنَّ السَّفَاهَةِ ـــ طه ـــ مِنْ خَلاَئِقِكُم
لاَ بَارَكَ اللّهُ فِي الْقَوْمِ المَلاَعِينِ
وقالت فِرْقَةٌ من العُلَمَاءِ: سَبَبُ نزولِ هذه الآية أَن قريشاً لما نظرت إلى عيش النبي صلى الله عليه وسلم وشَظَفِه وكَثْرة عِبَادَته؛ قالت: إن محمداً مع ربِّه في شقاءٍ فنزلت الآيةُ؛ رادَّةً عليهم. وأسند عِيَاضٌ في «الشفا» من طريق أَبِي ذَرٍّ الهروي، عن الرَّبِيعِ بن أَنَسٍ قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى، قَامَ عَلَى رِجْلٍ وَرَفَعَ الأُخْرَىٰ، فأنْزَل اللّه؛ { طه } يعني: طَإ الأَرْضَ يَا محمدُ، { مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ } ولاَ خَفاءَ بمَا في هذا كله من الإكْرام له صلى الله عليه وسلم وحُسْن المعاملة. انتهى. قال * ص *: { لِتَشْقَىٰ * إِلاَّ تَذْكِرَةً } عِلَّتانِ لِقَوْلِه: { مَا أَنزَلْنَا }. انتهى. وقد تقدم القولُ في مَسْأَلَةِ الاسْتِوَاء، وباقي الآية بيّن. قال ابنُ هِشَام: قوله تعالى: { وَإِن تَجْهَرْ بِـٱلْقَوْلِ } أيْ: فاعلم أَنه غَنِيٌّ عن جهرك؛ { فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } ، فالجوابُ مَحذُوفٌ. انتهى.