الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } بعدما أمر سبحانه ولاة الأمور بالعموم أو الخصوص بأداء الأمانة والعدل في الحكومة أمر الناس بإطاعتهم في ضمن إطاعته عز وجل وإطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال عز من قائل: { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } أي الزموا طاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } المبعوث لتبليغ أحكامه إليكم في كل ما يأمركم به وينهاكم عنه أيضاً، وعن الكلبـي أن المعنى: أطيعوا الله في الفرائض وأطيعوا الرسول في السنن، والأول أولى وأعاد الفعل وإن كانت طاعة الرسول مقترنة بطاعة الله تعالى اعتناءاً بشأنه عليه الصلاة والسلام وقطعاً لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس في القرآن وإيذاناً بأن له صلى الله عليه وسلم استقلالاً بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثمّ لم يعد في قوله سبحانه: { وَأُوْلِى ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } إيذاناً بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول صلى الله عليه وسلم، واختلف في المراد بهم فقيل: أمراء المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده ويندرج فيهم الخلفاء والسلاطين والقضاة وغيرهم، وقيل: المراد بهم أمراء السرايا، وروي ذلك عن أبـي هريرة وميمون بن مهران، وأخرج ابن جرير وابن أبـي حاتم عن السدي، وأخرجه ابن عساكر عن أبـي صالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سرية، وفيها عمار بن ياسر فساروا قبل القوم الذين يريدون فلما بلغوا قريباً منهم عرسوا وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم فأصبحوا قد هربوا غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد يسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال: يا أبا اليقظان إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن قومي لما سمعوا بكم هربوا وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غداً وإلا هربت؟ فقال عمار: بل هو ينفعك فأقم فأقام فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحداً غير الرجل فأخذه وأخذ ماله فبلغ عماراً الخبر فأتى خالداً فقال: خل عن الرجال فإنه قد أسلم وهو في أمان مني، قال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبا وارتفعا إلى النبـي صلى الله عليه وسلم فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير فاستبا عند النبـي صلى الله عليه وسلم فقال خالد: يا رسول الله أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد لا تسب عماراً فإن من سب عماراً سبه الله تعالى ومن أبغض عماراً أبغضه الله تعالى ومن لعن عماراً لعنه الله تعالى فغضب عمار فقام فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي، فأنزل الله تعالى هذه الآية "

السابقالتالي
2 3