(قوله تعالى ذكره): { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } إلى / قوله: { بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }. أي: يقول ذلك المشركون إذا نُفِخَ في الصُّورِ نفخة البعث. قال أُبَيٌّ بن كعب: ناموا نومة قبل البعث. وكذلك قال قتادة. قال مجاهد: يهجع الكفار قبل يوم القيامة هجعة يذوقون فيها النوم، فإذا قامت القيامة قالوا: { يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا }. ثم قال: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ }. قال قتادة: قال لهم أهل الهدى: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ }. وقال مجاهد: قال ذلك لهم المؤمنون (المرسلون). وقال ابن زيد: هو من قول بعضهم لبعض، صدقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به من البعث بعد الموت. وقال الفراء: هو من قول الملائكة لهم. وهذا القول موافق لقول قتادة، لأن الملائكة أهل هدى. وكذلك يتأول قوله:{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ / وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ } [البينة: 7]. وكذلك الحديث: " المُؤْمِنُ عِنْدَ الله خَيْرٌ مِنْ كُلِّ مَا خَلَقَ " وهو قول القتبي. والوقف على " مَرْقَدِنَا " إجماع إلا ما حكى أحمد بن جعفر أنه يوقف على " هذا " ، ثم يبتدئ: { مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } ، أي: بعثكم ما وعد الرحمن. وقرأ ابن عباس: " مِنْ بَعْثِنَا " بكسر الميم وخفض البعث. فالوقف على { يٰوَيْلَنَا } جائز إلا على هذه القراءة لأن من متعلقة بما قبلها. ثم قال (تعالى): { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } أي: قد حضروا للعرض على الله. وقد تقدم ذكر هذا. ثم قال (تعالى): { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ } لا يُنْقَصُ من أجرها ولا يُحْمَل عليها وزر غيرها. { وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ولا تكافؤون إلا مكافأة أعمالكم في الدنيا. ثم قال (تعالى): { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ }. قال مجاهد: شغلهم افتضاض (الأبكار). [وقال ابن مسعود: افتضاض العذارى]. وهو قول ابن المسيب. وقال أبو قِلابة: بينما الرجل من أهل الجنة مع أهله إذ قيل له تحول إلى أهلك. وقيل: " فِي شُغْلٍ " في نعمة. وقيل: في شغل عما فيه أهل النار. والشُّغْلُ والشُّغُلُ لغتان كالبُخْلُ والبُخُلُ. وقرأ أبو جعفر: (فَكِهُونَ). وهو عند الفراء مثل فاكهين في المعنى كَحَذِرٍ وحَاذِرٍ. وقال أبو زيد: رجل فَكِهٌ إذا كان طيب النفس ضَحُوكاً. وقال قتادة: " فكهون " معجبون. قال ابن عباس: " فاكهون " فرحون. وقال بعض أهل اللغة: الفاكه الكثير الفاكهة، وكذلك تَامِرٌ وَلاَحِمٌ وَشَاحِمٌ إذا كثر ذلك عنده. وقرأ طلحة بن مُصَرِّف: " فَاكِهِينَ " بالنصب على الحال، وجعل في شغل الخبر. ثم قال: { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ } يعني أزواجهم من أهل الجنة.