الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ }

قوله: { وَتَٱللَّهِ }: قرأ العامَّة بالتاءِ مثنَّاةً من فوقُ. وقرأ معاذ بن جبل وأحمد بن حنبل بالباء موحدة. قال الزمخشري: " فإن قلتَ: ما الفرقُ بين الباءِ والتاءِ؟ قلت: الباءُ هي الأصلُ، والتاءُ بدلٌ من الواوِ المُبْدَلِ منها، وإنَّ التاءَ فيها زيادةٌ معنىً، وهو التعجبُ، كأنه تَعَجَّبَ من تسهيلِ الكيدِ على يدِه وتَأَتِّيه ". أمَّا قولُه: " إن الباءَ هي الأصلُ " فيدلُّ على ذلك تَصَرُّفُها في الباب، بخلافِ الواوِ والتاءِ، وإن كان السهيليُّ قد رَدَّ كونَ الواوِ بدلاً منها.

وقال الشيخ: " النظرُ يقتضي أنَّ كلاً منها أصلٌ. وأمَّا قولُه " التعجبُ " فنصوصُ النَّحْويين أنه يجوزُ فيها التعجبُ وعدمُه، وإما يلزمُ ذلك مع اللامِ كقوله:
3352ـ للهِ يَبْقى على الأيَّامِ ذو حِيَدٍ     بمُشْمَخِرّ به الظَّيَّانُ والآوسُ
و " بعدَ " منصوبٌ بـ " لأَكِيْدَنَّ ". و " مُدْبرين " حالٌ مؤكّدةٌ، لأنَّ " تُوَلُّوا " تُفْهِمُ معناها. وقرأ العامَّة " تُوَلُّوا " بضم التاءِ و اللامِ مضارعَ " ولَّىٰ " مشدداً. وقرأ عيسى بن عمر " تَوَلَّوا " بفتحِهما مضارعَ " تولَّىٰ " والأصل " تَتَوَلَّوا " فحذف إحدى التاءين: إمَّا الأولى على رأي هشام، وإمَّا الثانية على رأي البصريين. ويَنْصُرُها قراءةُ الجميعفَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } [الصافات: 90] ولم يقرأ أحدٌ " فَوَلَّوْا " وهي قياسُ قراءةِ الناس هنا. وعلى كلتا القراءتين فلامُ الكلمةِ محذوفٌ وهو الياءُ لأنه مِنْ وَلي.

ومتعلِّقُ هذا الفعلِ محذوفٌ تقديرُه: تُوَلُّو إلى عيدكم، ونحوُه.