الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ }

" ومن يَتَولَّ " " مَن " شَرْط في محلِّ رفع بالابْتداء.

وقوله تعالى: { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ } جُمْلَة واقعة خبر المُبْتَدأ، والعائد غير مَذْكُور لكوْنِهِ مَعْلُوماً، والتَّقْدِير: فهو غَالِبٌ لكونه من جُنْدِ الله، فيحتملُ أن يكُون جواباً للشَّرْط، وبه يحتجُّ من لا يَشْتَرِط عَوْد ضَمِير على اسْمِ الشَّرْط إذا كان مُبْتَدأ.

ولقائل أن يقول: إنَّما جاز ذَلِك؛ لأنَّ المُرَاد بحزب الله هو نَفْسُ المُبْتَدأ، فيكون من بَابِ تكْرَار المُبْتَدأ بمعناه، وفيه خِلاف، فالأخْفَش يُجِيزُهُ، فإن التقدير: ومن يَتَولَّ اللَّه ورسُولَهُ والذين آمنوا فإنه غالب، فوضع الظَّاهر موضع المُضْمَر لفائدة، وهي التَّشْرِيف بإضافة الحِزْب إلى اللَّه - تعالى -، ويحتملُ أن يكُون الجوابُ مَحْذُوفاً، لدلالة الكلام عَلَيْه، أي: ومن يتولَّ اللَّه ورسوله والَّذِين آمنُوا يَكُنْ من حِزْب الله الغَالِب، أو يُنْصَر ونحوه ويكون قوله: { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ } دالاًّ عليه، وعلى هَذَيْن الاحتمَالَيْن، فلا دِلَة في الآية على عدم اشْتِرَاط عَوْدِ ضمير على اسْم الشرط.

وقوله: { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ } في محلِّ جَزْم إنْ جَعَلْناه جواباً للشَّرْط، ولا محلَّ له إن جعلْنَاهُ دالاًّ على الجواب.

وقوله " هُمْ " يحتمل أنْ يكُون فَصلاً، وأن يكُون مُبْتَدأ.

و " الغَالِبُون " خبره والجُمْلَةُ خبر " إن " ، وقد تقدَّم الكلام على ضَمِير الفَصْل.

و " الحِزْب ": الجماعة فيها غِلْظَةٌ وشدَّة، فهو جماعة خَاصَّة، وهو في اللّغَة: أصْحَاب الرَّجُل الَّذين يكُونُون معه على رَأيه، وهم القَوْم الَّذِين يَجْتَمِعُون لأمر حَزَبَهُمْ، وللمُفسرين فيه عِبَارات، فقال الحَسَن: جُنْدُ الله وقال أبو رَوْق: أوْلِيَاء الله، وقال أبو العَالِية: شِيعَتُه، وقال بعضهم: أنْصَار الله، وقال الأخْفَش: حِزْب الله الذين يَدِينُون بدينِهِ ويُطيعُونَه ويَنْصُرُونه.