الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

قوله تعالى { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } ان من لطف الله وكرمه على خلقه ان رفع الحجاب من الجنة لاهل النار حتى يحتملوا الام العذاب رؤية الجنان واهلها وهذا من الطافه الخفية الا ترى الى عاشق ينظر الى وجه معشوقة وهو فى وسط الثلج والزمهرير فلا يجد الامة لما وجد من حلاوة مشاهدة معشوقه اذكر شان صويحييات يوسف عليه السلام كيف قطعن ايديهن فى مشاهدة يوسف وما شعرن فى مشاهدته الام القطع سمعت ان بعضا من المشايخ مضى اى مسجده بقرب داره بين المغرب والعشاء وكان ينزل الثلج فراى شابا تحت منظر يتكلم مع مشعوقه على المنظر وهما غائبان فى حديثهما عن رؤية الشيخ حتى صلى ورجع فلما حان وقت الصبح ومضى الى قربهما فراهما واقفين بين الثلج والثلج بلغ الى وسطهما ومع شيخ سراج فقالت المعشوقة لعاشقها مريا حبيبى فان الشيخ يمضى الى صلاة القمة وانشد فى هذا المعنى
شهور ينقضين وما شعرنا   بانصاف لهن ولا سرارى
فصاح الشيخ صيحة وخر مغشياً عليه ثم قال بعد ذلك وتأوه ومزق قميصه وقال واويلاه ان آدميين لما يعلما فى عشقهم ومشاهدتهما العتمة من الصباح ولم يشعر الام الثلج فى البرد وانا ادعى حب خالق الخلق واكون بهذه الصفة غافلا انشد الجلاج فى بلايد فى رؤية مبليه
وحرمه الود الذى لم يكن   يطمع فى افساده الدهر
ما نالنى عند نزول البلاء   بوس ولا مسنى الضر
وقولهم افيضوا علينا من الماء لان الماء ضد النار اى يا اهل القدرة فى الحضرة افيضوا علينا من مياه الشفقة وما رزقكم الله من مقام الشفاعة مع استغنائه عن تعذيبهم وقدرته على ان يعطيهم ما يريدون ولكن قهر الربوبية وعز الاحدية وانه فعال لما يريد وكما لم يرزقهم اليوم من عرفانه ذرة لا يسقيهم غدا فى تلك الاحوال قطرة فى معناه انشدوا
واقسمن لا يسقينا الدهر شربة   ولو زخرت من ارضهن بحور
وقال انما يطلبون الماء ليبكوا به لانه نفدت دموعهم كما قال قائلهم
يا نازحا نزحت دمعى قطيعته   هب لى من الدمع ما ابكى عليك به