الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ إِثْماً عَظِيماً }

{ إنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } الإشراك. { لِمَنْ يَشَآءُ } لا يظن أحد عاقل أن المعنى أن الله لا يسيغ، ولا يحلل الإشراك وأنه يبيح ما دون الشرك لمن يشاء لأن الله جل وعلا لا يبيح المعصية كائنة ما كانت لأحد، كما لا يسيغ الشرك ولا يبيحه ولا يحلله، ولكن المعنى أن الله لا يغفر الإشراك، ويغفر ما دون الإشراك لمن يشاء، أى يغفر الذنوب كلها إلا الإشراك، بمعنى أن من مات مشركاً لا يغفر له شركه بحال ما من الأحوال، وأما من مات موحداً عاصياً بكبائر، فإن الله يغفر لمن يشاء منهم، وذلك مثل أن يموت وعليه تباعات، قد تاب منها بعينها ولم يجد الخلاص منها، لعدم ماله، أو تاب إجمالا ولم يعلمها، بحيث لا يعذر فى جهلها، أو بحيث يعذر وصاحبها يتعلق به يوم القيامة، فإن الله جل وعلا يؤدى عنه، والله عز وجل يعد حسناته، ولو لم يقصد سيئاته بالتوبة، لكن ليس فى نيته الإصرار، فيجدها وهو عالم بها أكثر من التبعات، وكذا نغنى حسناته، فيؤتى بنياته، وكذا يتوب وله وفاء من ماله فيوصى بها فلا يوجد أصحابها أو يذهب ماله بعد الموت والإيصاء. أو يعين لها مالا، فيذهب فى حياته، ولا يعلم بذهابه أو يعين لها مالا فيظهر أنه ليس له، ولم يعلم أنه ليس له، أو يجد وفاء وقد تاب قبل الغرغرة، ولسانه لا ينطق أو يموت حيث لا أحد عنده ولا سبيل له إلى الإيصاء أو أوصى وذهبت الوصية، أو أوصى ووكل أميناً، أو بين لورثته الأمناء ولم تنفذ أو نحو ذلك ويجوز فى تفسير الآية وجه آخر وهو أن يتنازع لا يغفر، ويغفر فى قوله { لِمَن يَشَآءُ } أى لا يغفر الإشراك لمن يشاء، وهو من قضى الله تعالى أن يموت مشركاً، ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء، وهو من قضى الله أن يموت تائباً وهذا التقدير معنوى، وتقدير الاصطلاح أن تقول إن الله لا يغفر له أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وهاء { له } عائدة لمن يشاء الذى تاخر عنه لفظاً ورتبة، لجوار ذلك فى التنازع، فهذا إعمال للأخير، ولك أن تقدر { ويغفر لمن يشاء } له فتعلق { لمن يشاء } بـ " يغفر الأول " وتعلق له بالثانى إعمالا للأول و " هاء " له عائدة لمن يشاء، وعلى التنازع بوجهيه يكون الضمير استخداماً لأنه من شاء غفرانه غير من لم يشاء غفرانه، وزعمت الأشعريه أن المعنى يغفر ما دون الشرك من الكبائر، والصغائر على الإطلاق، ولو لم يتب لمن شاء تفضلا وإحساناً، ويدخل النار بها من يشاء ثم يخرجه ويرد عليهم أحاديث هلاك المصر وآيات شرط التوبة، وأحاديثه ووافقوا فى أن المشرك لا يغفر له، لأنه لا توبة له من ذنب تصح مع الشرك ولا حسنة تثبت له معه، وإنا قيدنا ما دون الشرك بالتوبة، كالشرك بالآيات والأحاديث المشروط فيه التوبة، فهى أدلة التقييد.

السابقالتالي
2 3