{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً } آدميّاً واحداً منّا { إِنَّآ إِذاً } ونحن جماعة كثيرة وهو واحد، وقرأ أبو السماك العدوي بالرفع، وكلا الوجهين سايغ في عايد الذكر { نَّتَّبِعُهُ } إنْ فعلنا ذلك وتركنا دين آبائنا وتابعناه على دينه، وهو واحد منا آدمي مثلنا { لَّفِي ضَلاَلٍ } ذهاب عن الصواب { وَسُعُرٍ } قال ابن عباس: يعني وعذاب، قال الحسن: شدة العذاب. قتادة: عناء. سفيان بن عيينة: هو جمع سعيرة. الفرّاء: جنون، يقال: ناقة مسعورة إذا كانت خفيفة الرأس هايمة على وجهها. قال الشاعر يصف ناقة:
تخال بها سعراً إذا السفر هزها
ذميل وإيقاع من السير متعب
وقال وهب: وسعر: أي بعدٌ من الحق. { أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ } أأُنزل الوحي { الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } ترح مرح بطر متكبر يريد أن يتعظّم علينا بادّعائه النبوّة. وقال عبدالرَّحْمن بن أبي حماد: الأشِر الذي لا يبالي ما قال، وقرأ مجاهد { أَشِرٌ } بفتح الألف وضم الشين وهما لغتان مثل حَذِر وحَذُر ويَقِظ ويَقُظ وعَجِل وعَجُل ومَجِد ومَجُد الشجاع. { سَيَعْلَمُونَ } غداً بالتاء شامي، والأعمش ويحيى وابن ثوبان وحمزة وغيره بالياء، فمن قرأ بالتاء فهو من قول صالح لهم، ومن قرأ بالياء فهو من قول الله سبحانه، ومعنى الكلام: في الغد القريب على عادة الناس في قولهم للعواقب: إنّ مع اليوم غداً، وإنّ مع اليوم أخاه غداً، وأراد به وقت نزول العذاب بهم { مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } قرأ أبو قلامة: مَن الكذاب الأشر بفتح الشين وتشديد الراء على وزن أفعل من الشر، والقراءة الصحيحة ما عليه العامة. قال أبو حاتم: لا يكاد العربي يتكلم بالأشَرّ والأخير إلا في ضرورة الشعر كقول رؤبة:
بلال خير الناس وابن الأخير
إنّما يقولون: خير وشر. قال الله عز وجل{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ } [آل عمران: 110] وقال سبحانه{ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } [يوسف: 77]. { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ } باعثوها ومخرجوها من الهضبة التي سألوا { فِتْنَةً } محنة { لَّهُمْ فَٱرْتَقِبْهُمْ } وانتظرهم وننظر ما هم صانعون { وَٱصْطَبِرْ } واصبر على ظلمهم وأذاهم، ولا تعجل حتى يأتيهم أمري، واصطبر: افتعل من الصبر، وأصل (الطاء) فيه (تاء) فحوّلت (طاء) لأجل (الصاد). { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } وبين الناقة بالسويّة لها يوم ولهم يوم، وإنّما قال: بينهم؛ لأن العرب إذا أخبرت عن بني آدم وعن البهائم غلّبوا بني آدم على البهائم. { كُلُّ شِرْبٍ } نصيب من الماء { مُّحْتَضَرٌ } يحضره من كانت نوبته، فإذا كان يوم الناقة حضرت شربها، وإذا كان يومهم حضروا شربهم، وقال مجاهد: يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة، وإذا جاءت حضروا اللبن. { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ } قدار بن سالف وكان أشقر؛ ولذلك قيل له: أشقر ثمود { فَعَقَرَ } فتناول الناقة بسيفه فعقرها، ولذلك سمّيت العرب الجزار قداراً تشبيها به، وقال الشاعر: