فـ { قَالَ } لهم: { فَمَا خَطْبُكُمْ } أي: ما شأنكم { أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ }. { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا } أي: في قرى قوم لوط { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، وذلك قوله تعالى:{ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } [هود: 81]. { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ } أي: غير أهل بيت { مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } يعني: لوطاً وبنتيه. وصفهم الله بالإسلام والإيمان جميعاً؛ لأن كل مؤمن مسلم. { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً } علامة { لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } ، وما لم نفسره في هاتين القصتين مُفسّر في هود. قوله تعالى: { وَفِي مُوسَىٰ } معطوف على{ وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ } [الذاريات: 20]، أو على قوله: { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً } ، على معنى: وجعلنا في موسى آية. { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي: أعرض بما كان يتقوى به من جنده وملكه، كقوله:{ أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } [هود: 80]. وقيل: أعرض بجانبه. و " اليم " مذكور في الأعراف، و " المُليم " في الصافات. قوله تعالى: { وَفِي عَادٍ } معطوف أيضاً، { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } وهي التي لا تُنتج خيراً، لا تُنشئ مطراً، ولا تُلقح شجراً، بل هي ريح هلاك وعذاب. ثم وصفها فقال: { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ } من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم { إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ }. قال الفراء: الرَّميم: نبات الأرض إذا يبس ودِيسَ. قوله تعالى: { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } تفسيره قوله:{ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ } [هود: 65] وذلك حين عقروا الناقة. { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } وقرأ الكسائي: " الصَّعْقَةُ " بسكون العين من غير ألف. قيل: هما لغتان في الصاعقة [التي] تنزل وتحرق. وقيل: الصاعقة هي التي تنزل، والصَّعْقَة: الزَّجْرَة، وهي الصوت عند نزول الصاعقة. { وَهُمْ يَنظُرُونَ } يرون ذلك عياناً. وقيل: [ينتظرونه]، على ما ذكرناه في قصتهم. { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ } أي: فما قدروا على نهوضٍ من تلك الصرعة. { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } ممتنعين من العذاب. قوله تعالى: { وَقَوْمَ نُوحٍ } قرأ أبو عمرو إلا عبد الوارث وأهل الكوفة إلا عاصماً: " وقومِ " بخفض الميم. وروى عبد الوارث: " وقومُ " بالرفع، وقرأ الباقون من العشرة بنصبها. فالجر على معنى: وفي قوم نوح، وهكذا يقرأ ابن مسعود، والرفع على الابتداء، والنصب على معنى: واذكر قوم نوح. أو هو عطف على المعنى؛ لأن معنى: " فأخذتهم الصاعقة ": أهلكناهم، التقدير: وأهلكنا قوم نوح. أو عطف على معنى: فنبذناهم في اليم، أي: فأغرقناهم وأغرقنا قوم نوح. وهذا الوجه اختيار الزجاج.