الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } قال: هم اليهود { من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم } قال: هم المنافقون.

وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال " إن الله أنزلومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [المائدة: 44] الظالمون، الفاسقون، أنزلها الله في طائفتين من اليهود قهرت إحداهما الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا، على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقاً، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فنزلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ لم يظهر عليهم، فقامت الذليلة فقالت: وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، ودية بعضهم نصف دية بعض، إنما أعطيناكم هذا ضيماً منكم لنا وفرقاً منكم، فاما إذ قدم محمد صلى الله عليه وسلم فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهم، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ففكرت العزيزة فقالت: والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم، ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلا ضيماً وقهراً لهم، فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخبر الله رسوله بأمرهم كله وماذا أرادوا، فأنزل الله { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } إلى قوله { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } ، ثم قال: فيهم - والله - أنزلت ".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عامر الشعبي في قوله { لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } قال: رجل من اليهود قتل رجلاً من أهل دينه، فقالوا لحلفائهم من المسلمين: سلوا محمداً صلى الله عليه وسلم فإن كان يقضي بالدية اختصمنا إليه، وإن كان يقضي بالقتل لم نأته.

وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن أبي هريرة " أن أحبار اليهود اجتمعوا في بيت المدراس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد زنى رجل بعد احصانه بامرأة من اليهود وقد أحصنت، فقالوا: ابعثوا هذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد فاسألوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم فيهما، فإن حكم بعملكم من التجبية، والجلد بحبل من ليف مطلي بقار، ثم يسود وجوههما، ثم يحملان على حمارين وجوههما من قبل أدبار الحمار، فاتبعوه فإنما هو ملك سيد القوم، وإن حكم فيهما بالنفي فإنه نبي فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكم.

السابقالتالي
2 3 4 5