قوله جلّ ذكره: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ }. { ٱلإِنسَانَ }: ها هنا جِنْسُ الناس؛ عَلَّمَهم البيانَ حتى صاروا مُمَيزَّين - فانفصلوا بالبيان عن جميع الحيوان. وعَلَّمَ كُلَّ قومٍ لسانَهم الذي يتكلمون ويتخاطبون به. والبيانُ ما به تبينُ المعاني - وشَرْحُه في مسائل الأصول. ويقال: لمَّا قال أهلُ مكة إنما يُعلِّمه بَشَرٌ ردَّ الله - سبحانه - عليهم وقال: بل عَلَّمَه اللَّهُ؛ فالإنسانُ على هذا القول هو محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل هو آدم عليه السلام. ويقال: البيان الذي خُصَّ به الإنسان (عموماً) يعرِفُ به كيفيةَ مخاطبةِ الأغيار من الأمثال والأشكال. وأمَّا أهل الإيمان والمعرفة فبيانُهم هو عِلْمُهم كيفيةَ مخاطبةِ مولاهم - وبيانُ العبيدِ مع الحقِّ مختلفٌ: فقومٌ يخاطِبونه بلسانهم، وقومٌ بأنفاسهم، وقوم بدموعهم:
دموعُ الفتى عمَّا يحسُّ تترجمُ
وأشواقه تبدين ما هو يكتم
وقومُ بأنينهم وحنينهم: قُلْ لي بألسنة التنفُّس كيف أنت وكيف حالك؟