الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا }

وقوله تعالى: { وَٱلْجِبَالَ } منصوب بمضمر يفسره قوله سبحانه: { أَرْسَـٰهَا } أي أثبتها وفيه تنبيه على أن الرسو المنسوب إليها في مواضع كثيرة من التنزيل ليس من مقتضيات ذاتها. وللفلاسفة المحدثين كلام في أمر الأرض وكيفية بدئها لا مستند لهم فيه إلا آثار أرضية يزعمون دلالتها على ذلك هي في أسفل الأرض عن ساحة القبول.

وقرأ عيسى برفع { الأرض } [النازعات: 30] والحسن وأبو حيوة وعمرو بن عبيد وابن أبـي عبلة وأبو السمال برفع (الأرض) و(الجبال) وهو على ما قيل على الابتداء وتعقبه الزجاج بأن ذلك مرجوح لأن العطف على فعلية وأورد عليه أن قوله تعالى:بَنَـٰهَا } [النازعات: 27] بيان لكيفية خلق السماء وقوله سبحانه:رَفَعَ سَمْكَهَا } [النازعات: 28] بيان للبناء وليس لدحو الأرض وما بعده دخل في شيء من ذلك فكيف يعطف عليه ما هو معطوف على المجموع عطف القصة على القصة والمعتبر فيه تناسب القصتين وهو حاصل هنا فلا ضير في الاختلاف بل فيه نوع تنبيه على ذلك.

وقيل إن جملة قوله تعالى: { وٱلاْرْضِ } الخ على القراءتين ليست معطوفة على قوله سبحانه: { رَفَعَ سَمْكَهَا } لأنها لا تصلح بياناً لبناء السماء فلا بد من تقدير معطوف عليه وحينئذٍ يقدر جملة فعلية على قراءة الجمهور أي فعل ما فعل في السماء وجملة اسمية على قراءة الآخرين أي السماء وما يتعلق بها مخلوق له تعالى. وجوز عطف (الأرض) بالرفع علىٱلسَّمَآءُ } [النازعات: 27] من حيث المعنى كأنه قيل السماء أشد خلقاً والأرض بعد ذلك أي والأرض / بعدما ذكر من السماء أشد خلقاً فيكون وزان قوله تعالى:دَحَـٰهَا } [النازعات: 30] الخ وزان قوله تعالى: { بَنَـٰهَا } الخ وحينئذ فلا يكون { بَعْدَ ذَلِكَ } مشعراً بتأخر دحو الأرض عن بناء السماء. وقوله تعالى: { مَتَـٰعاً لَّكُمْ وَلأَِنْعَـٰمِكُمْ }.