الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلَٰئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِيمَٰناً وَلاَ يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ }

{ وَمَا جَعَلْنَا أصْحَابَ النَّارِ } القائمين عليها الذين هم تسعة عشر أعينهم كالبرق الشديد وأنيابهم كالقرون يخرج اللهب من أفواههم بين كتفى أحدهم مسيرة سنة يدفع أحدهم فى النار سبعين ألفاً دفعة واحدة، قال عمرو بن دينار يدفع مرة أكثر من ربيعة ومضر. { إِلاَّ مَلاَئِكَةً } غير جنس الإِنس والجن لئلا يستريح أصحاب النار المعذبين بها إِليهم لو كانوا من جنسهم ولأَن ذلك أبعد من أن ترق قلوبهم على المعذبين بالنار ولو جعلهم من جنسهم لجعلهم لا يرقون عليهم ولأَن الملائكة أقوى الخلق ولأَنهم أشد غضباً لله عز وجل لأَنهم أعرف بحق الله ومقتضى الظاهر وما جعلناهم إِلا ملائكة بالهاء عائدة إِلى تسعة عشر لكن أظهر ليصفهم بصحبة النار تنبيها على أنهم قائمون بها ولا يخفى من تعميم العذاب والكفرة أن المراد بسقر طبقات النار كلها لا خصوص طبقة تسمى سقر.

{ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهمْ } وهى تسعة عشر. { إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا } باستقلالهم واستهزائهم بهم كما مر، والمعنى خلقناهم تسعة عشر ليصل خبرهم الكفار فيفتتنوا، أو المراد بالجعل الإِخبار وقيل الأَصل وما جعلنا عدتهم إِلا تسعة عشر فعبر بالمسبب وهو الفتنة عن السبب وهو العدد، وفيه أنه لا فائدة فى قولك وما جعلنا عدتهم إِلا تسعة عشر للذين كفروا بعد قوله عليها تسعة عشر فضلا عن أن يقال هو الأَصل ولا كبير فائدة فى التنبيه على عدم التخلف المذكور، وقيل أيضاً تنبيهاً على عدم تخلف المسبب عن سببه هنا. { لِيَسْتَيْقِنَ } بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ورسالته. { الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } اليهود والنصارى والكتاب التوراة والإِنجيل والزبور والصحف وكل كتاب نزل قبل نبى فقد أوتيه هو وأمته واللام متعلق بجعلنا أى حصرنا عدتهم من حيث الإِخبار بها فى الفتنة ليستيقن الذين أوتوا الكتاب وذلك أنه ذكر فى التوراة والإِنجيل أن الله تعالى يبعث نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - ويخبره بعددهم فيفتتن به قومه فيكون - صلى الله عليه وسلم - قد اخبر بما فى كبتهم فيوقنوا رسالته وقدر بعض فعلنا ذلك ليستيقن وبعض عطف ليستيقن على الذين كفروا بحذف العاطف ولا يقبل هذا وأولى من هذا المعنى أن يجعل ليستيقن إِلخ بدل فتنة إِذ تضمنت فتنتهم استيقان أهل الكتاب إِذ ذكرت فى كتابهم علامة لرسالته وبدل الاشتمال قد يستعمل بلا رابط كما هنا وقد يقال إِيجادهم تسعة عشر علة للاستيقان لأَن الإِيجاد سبب للإِخبار والإِخبار سبب للاستيقان فهو سبب بعيد لكن فيه تكلف، وقيل المراد بأَهل الكتاب اليهود لأَن اليهود سأَلوا رجلاً من أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - عن خزنة جهنم فقال الله ورسوله أعلم فأَخبر الرجل النبى - صلى الله عليه وسلم - فنزل فى حينه عليها تسعة عشر والسورة مكية فلعل الرجل لقى اليهود فى سفر أو فى المدينة أو دخل اليهود مكة لأَنهم قد يدخلونها قبل الفتح وقبل الهجرة.

السابقالتالي
2 3