الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً }

{ اولئك } المنعوتون بالنعت الجليل { لهم جنات عدن }. قال الامام العدن فى اللغة الاقامة فيجوز ان يكون المعنى اولئك لهم جنات اقامة كما يقال هذه دار اقامة ويجوز ان يكون العدن اسما لموضع معين من الجنة وهو وسطها واشرف مكان وقوله جنات لفظ جمع فيمكن ان يكون المراد ما قاله تعالىولمن خاف مقام ربه جنتان } ثم قالومن دونهما جنتان } ويمكن ان يكون نصيب كل واحد من المكلفين جنة على حدة { تجرى من تحتهم الانهار } الاربعة من الخمر واللبن والعسل والماء العذب وذلك لان افضل البساتين فى الدنيا البساتين التى تجرى فيها الانهار { يحلون فيها } اى فى تلك الجنات من حليت المرأة اذا لبست الحلى وهى ما تتحلى به من ذهب وفضة وغير ذلك من الجوهر والتحلية بيرايه بركردن. قال الكاشفى بيرايه بسته شوند دران بوستانها { من اساور } من ابتدائيه واساور جمع اسورة وهى جمع سوار بالفارسية دستوان { من ذهب } من بيانه صفة لاساور وتنكيرها لتعظيم حسنها وتبعيده من الاحالة به. قال فى بحر العلوم وتنكير اساور للتكثير والتعظيم. عن سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة اساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من لؤلؤ وياقوت فهم يسورون بالاجناس الثلاثة على المعاقبة او على الجمع كما تفعله نساء الدنيا ويجمعن بين انواع الحلى. قال بعض الكبار اى يتزينون بانواع الحلى من حقائق التوحيد الذاتى ومعانى التجليات العينية الاحدية فالذهبيات هى الذاتيات والفضيات هى الصفات النوريات كما قالوحلوا اساور من فضة } { ويلبسون ثيابا خضرا } جامهاى سبز وذلك لان الخضرة احسن الالوان واكثرها طراوة وأحبها الى الله تعالى { من سندس واستبرق } ما رق من الديباج وما غلظ منه والديباج الثوب الذى سداه ولحمته ابريسم واستبرق ليس باستفعل من البرق كما زعمه بعض الناس بل معرب استبره جمع بين النوعين للدلالة على ان لبسهما مما تشتهى الانفس وتلذ الاعين. اعلم ان لباس اهل الدنيا اما لباس التحلى واما لباس الستر فاما لباس التحلى فقال تعالى فى صفته { يحلون } الآية واما لباس الستر فقال تعالى فى صفته { ويلبسون } الآية. فان قيل ما السبب فى انه تعالى قال فى الحلى يحلون على فعل ما لم يسم فاعله والمحلى هو الله او الملائكة وقال فى السندس والاستبرق ويلبسون باسناد اللبس اليهم. فقلنا يحتمل ان يكون اللبس اشارة الى ما استوجبوه بعلمهم بمقتضى الوعد الالهى وان يكون الحلى اشارة الى ما تفضل الله به عليهم تفضلا زائدا على مقدار الوعد وايضا فيه ايذان بكرامتهم وبيان ان غيرهم يفعل بهم ذلك ويزينهم به بخلاف اللبس فانه يتعاطاه بنفسه شريفا وحقيرا يقول الفقير لا شك ان لباس الستر يلبسه المرء بنفسه ولو كان سلطانا فلذا اسند اليه واما لباس الزينة فغيره بزينه به عادة كما يشاهد فى السلاطين والعرائس ولذا اسند الى غيره على سبيل التعظيم والكرامة { متكئين فيها على الارائك } جمع اريكه وهى السرير فى الحجال ولا يسمى السرير وحده اريكة.

السابقالتالي
2