قوله تعالى: { قُتِلَ ٱلإِنسَانُ } أي: لعن الكافر. قال الضحاك: وهو أمية بن خلف. وقال مقاتل: عتبة بن أبي لهب. وقال مجاهد: كل كافر. { مَآ أَكْفَرَهُ } أي: ما أشدّ كفره بالله. قال الزجاج: معناه: اعجبوا أنتم من كُفْرِه. ثم أخذ الله سبحانه وتعالى في وصف حاله من ابتداء كونه إلى انتهائه، مُذَكِّراً له بأَنْعُمِهِ وقدرته فقال: { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } استفهام في معنى التقرير. ثم بَيَّنَ الشيءَ الذي خلقه منه بقوله: { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } قال ابن السائب: قدّر أعضاءه، رأسه وعينيه ويديه ورجليه. وقال مقاتل: قدّره أطواراً، نطفة، ثم علقة، إلى آخر خلقه. وقال الزجاج: قدّره على الاستواء. { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } انتصب " السبيل " بإضمار: " يسّر " ، وفَسَّره بيسّره. والمعنى: ثم سهّل سبيله، وهو مخرجه من بطن أمه. وقال الحسن ومجاهد: سهّل له العلم بطريق الحق والباطل. { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } جعله ذا قبر يُوارى فيه تكرمة له، ولم يجعله على وجه الأرض جَزَراً للسباع والطير، كسائر الحيوان. يقال: أقْبَرَ الميت؛ إذا جعل له قبراً، وقَبَرَه: إذا دفنه بيده فهو [قابره]. قال الأعشى:
ولوْ أسندتَ ميتاً إلى نحْرِهَا
عَاشَ ولم يُسْلَمْ إلى قَابِر
أي: إلى دافن يدفنه بيده. { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } بعثه بعد الموت. يقال: أنشر الله الميت؛ إذا [أحياه]، ونُشِرَ هو: [حيا] بنفسه. قال الأعشى:
حتى يقولَ الناسُ مما رأوْا
يا عجباً للميتِ النَّاشر
قوله تعالى: { كَلاَّ } ردعٌ للإنسان عما هو عليه. وقال الحسن: حقاً. { لَمَّا يَقْضِ } (أي: لم يقض { مَآ أَمَرَهُ } به ونهاه عنه، يريد: الكافر. وقيل: معناه: لم يقض) ما عاهد الله في الميثاق الأول. وقال مجاهد: لا يقضي أحدٌ أبداً كُلَّ ما افترض الله عز وجل عليه. فيكون عاماً في المؤمن والكافر. قوله تعالى: { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } أمر الله سبحانه وتعالى الإنسان بالنظر إلى طعامه، الذي هو سبب حياته، ومادّة بقائه، ليستدل بعجيب [تدبير] الله في إيجاده وإنباته على صحة البعث وكونه. قرأ أهل الكوفة: " أنَّا صَبَبْنا " بفتح الهمزة، وكسرها الباقون. فمن فتحها فعلى البدل من الطعام. ومن كسرها فعلى الاستئناف. والمعنى: أنا صَبَبْنا الغيث صَبّاً. { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ } بالنبات { شَقّاً }. { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } قال الزجاج: هو كل ما حُصِد؛ كالحنطة والشعير، وكل ما يتغذى به من ذي حَبّ. { وَعِنَباً وَقَضْباً } يريد: الرَّطْبة التي تُعلف بها البهائم، وهو القَتُّ أيضاً. قال ابن قتيبة: سُمي بذلك؛ لأنه يُقْضَبُ مرة بعد مرة، أي: يُقطع. وكذلك القصيل؛ لأنه يُقْصَل، أي: يُقطع. { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } قال الفراء: كل بستان يُحاط عليه حائط فهو حديقة، والغُلْبُ: ما غَلُظَ من النخل. قال أبو عبيدة: يقال: شجرةٌ غَلْبَاء؛ إذا كانت غليظة.