الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

يحذر تعالى عباده المؤمنين فتنة، أي اختباراً ومحنة، يعم بها المسيء وغيره، لا يخص بها أهل المعاصي، ولا من باشر الذنب، بل يعمهما حيث لم تدفع وترفع، كما قال الإمام أحمد حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا شداد بن سعيد، حدثنا غيلان بن جرير عن مطرف قال قلنا للزبير يا أبا عبد الله ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة الذي قتل، ثم جئتم تطلبون بدمه؟ فقال الزبير رضي الله عنه إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت، وقد رواه البزار من حديث مطرف عن الزبير، وقال لا نعرف مطرفاً روى عن الزبير غير هذا الحديث، وقد روى النسائي من حديث جرير بن حازم عن الحسن عن الزبير نحو هذا، وقد روى ابن جرير حدثني الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن قال قال الزبير لقد خوفنا بها، يعني قوله تعالى { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظننا أنا خصصنا بها خاصة. وكذا رواه حميد عن الحسن عن الزبير رضي الله عنه. وقال داود بن أبي هند عن الحسن في هذه الآية قال نزلت في علي وعثمان وطلحة والزبير رضي الله عنهم، وقال سفيان الثوري عن الصلت بن دينار عن عقبة بن صهبان سمعت الزبير يقول لقد قرأت هذه الآية زماناً، وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيون بها { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } وقد روي من غير وجه عن الزبير بن العوام، وقال السدي نزلت في أهل بدر خاصة، فأصابتهم يوم الجمل، فاقتتلوا، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقال في رواية له عن ابن عباس في تفسير هذه الآية أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين ظهرانيهم، فيعمهم الله بالعذاب، وهذا تفسير حسن جداً، ولهذا قال مجاهد في قوله تعالى { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } هي أيضاً لكم، وكذا قال الضحاك ويزيد بن أبي حبيب، وغير واحد، وقال ابن مسعود ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، إن الله تعالى يقولإِنَّمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ } التغابن 15 فأيكم استعاذ، فليستعذ بالله من مضلات الفتن. رواه ابن جرير، والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم، وإن كان الخطاب معهم، هو الصحيح، ويدل عليه الأحاديث الواردة في التحذير من الفتن، ولذلك كتاب مستقل يوضح فيه إن شاء الله تعالى كما فعله الأئمة، وأفردوه بالتخصيص، ومن أخص ما يذكر ههنا ما رواه الإمام أحمد حيث قال حدثنا أحمد بن الحجاج، أخبرنا عبد الله، يعني ابن المبارك، أنبأنا سيف بن أبي سليمان، سمعت عدي بن عدي الكندي يقول حدثني مولى لنا أنه سمع جدي، يعني عدي بن عميرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

السابقالتالي
2 3