{ ألم يأن للذين آمنوا } ألم يحن { أن تخشع قلوبهم } ترقَّ وتلين { لذكر الله وما نزل من الحق } وهو القرآن، وهذا حثٌّ من الله تعالى لقومٍ من المؤمنين على الرِّقة والخشوع { ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل } أي: اليهود والنَّصارى { فطال عليهم الأمد } الزَّمان بينهم وبين أنبيائهم { فقست قلوبهم } لم تَلِنْ لذكر الله، ونسوا ما عهد الله سبحانه إليهم في كتابهم { وكثير منهم فاسقون } وهم الذين تركوا الإِيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم. { اعلموا أنَّ الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات } أَيْ: إنَّ إحياء الأرض بعد موتها دليلٌ على توحيد الله تعالى وقدرته. { إنَّ المصدِّقين والمصدقات } الذين يتصدَّقون وينفقون في سبيل الله { وأقرضوا الله قرضاً حسناً } بالنَّفقة في سبيله { يضاعف لهم } ما عملوا { ولهم أجرٌ كريم } وهو الجنَّة. { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون } المُبالغون في الصِّدق { والشهداء عند ربهم } أَي: الأنبياء عليهم السَّلام { لهم أجرهم ونورهم } في ظلمة القبر. وقيل: هم جميع المؤمنين. { اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو } في انقضائها وقلَّة حاصلها { وزينة } يتزيَّنون بها { وتفاخرٌ بينكم } يفخر بها بعضكم على بعض { وتكاثر في الأموال والأولاد } مباهاةٌ بكثرتها، ثمَّ ضرب لها مثلاً فقال: { كمثل غيث } مطرٍ { أعجب الكفار } أي: الزُّراع { نباتُه } ما أنبته ذلك الغيث، { ثم يهيج } ييبس { فتراه مصفراً } بعد يبسه { ثمَّ يكون حطاماً } هشيماً مُتفتِّتاًَ، وكذلك الإِنسان يهرم ثمَّ يموت ويبلى { وفي الآخرة عذاب شديد } للكفَّار { ومغفرة من الله ورضوان } لأوليائه. { سابقوا إلى مغفرة من ربكم } ذُكر في سورة آل عمران عند قوله:{ وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربِّكم... } الآية. { ما أصاب من مصيبة في الأرض } بالجدبِ { ولا في أنفسكم } بالمرض والموت والخسران { إلاَّ في كتاب } أي: اللَّوح المحفوظ { من قبل أن نبرأها } نخلق تلك المصيبة { إنَّ ذلك على الله يسير } أَيْ: خلقها في وقتها بعد أَنْ كتبها في اللَّوح المحفوظ. { لكيلا تأسوا على ما فاتكم } من الدُّنيا { ولا تفرحوا بما آتاكم } أعطاكم منها، أَيْ: لكيلا تحزنوا حزناً يُطغيكم، ولا تبطروا بالفرح بعد أَنْ علمتم أنَّ ما يصيبكم من خيرٍ وشرٍّ فمكتوب لا يخطئكم. { والله لا يحب كلَّ مختال } مُتكبِّرٍ بما أُوتي من الدُّنيا { فخور } به على النَّاس. { الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل } ذُكر في سورة النِّساء. { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات } بالدّلالات الواضحات { وأنزلنا معهم الكتاب والميزان } العدل { ليقوم الناس بالقسط } ليتعامل النَّاس بينهم بالعدل { وأنزلنا الحديد } وذلك أنَّ آدم عليه السَّلام نزل إلى الأرض بالعلاة والمطرقة وآلة الحدَّادين { فيه بأس شديد } قوَّةٌ وشدَّةٌ يُمتنع بها ويُحارب { ومنافع للناس } يستعملونه في أدواتهم { وليعلم الله } أَيْ: أرسلنا الرُّسل ومعهم هذه الأشياء ليتعامل النَّاس بالحقِّ، وليرى الله مَنْ ينصر دينه { ورسله بالغيب } في الدُّنيا.