قوله تعالى: { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا } - إلى قوله تعالى- { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [22- 32] 9794/ [1]- علي بن إبراهيم: ثم حكى الله قوم عاد: { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا } ، أي تزيلنا بكذبك عما كان يعبد آباؤنا: { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } ، من العذاب { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } ، و كان نبيهم هود (عليه السلام)، و كانت بلادهم كثيرة الخير خصبة، فحبس الله عنهم المطر سبع سنين حتى أجدبوا، و ذهب خيرهم من بلادهم، و كان هود يقول لهم ما حكى الله في سورة هود:{ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } [هود: 52]، إلى قوله تعالى:{ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } [هود: 52] فلم يؤمنوا، و عتوا، فأوحى الله إلى هود (عليه السلام): أنه يأتيهم العذاب في وقت كذا و كذا { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، فلما كان ذلك الوقت، نظروا إلى سحابة، قد أقبلت، ففرحوا و قالوا: هذا { عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } الساعة بمطر، فقال لهم هود: { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ }. في قوله تعالى: { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ }. { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا } ، فلفظه عام و معناه خاص، لأنها تركت أشياء كثيرة لم تدمرها، و انما دمرت ما لهم كله، فكان كما قال الله تعالى: { فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } ، و كل هذه الأخبار من هلاك الأمم تخويف و تحذير لأمة محمد (صلى الله عليه و آله). و قوله تعالى: { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً } ، أي قد أعطيناهم فكفروا، فنزل بهم العذاب، فاحذروا أن ينزل بكم ما نزل بهم. ثم خاطب الله تعالى قريشا: { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا ٱلآيَاتِ } ، أي بينا، و هي بلاد عاد و قوم صالح و قوم لوط، ثم قال احتجاجا عليهم: { فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ } أي بطلوا { وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ } أي كذبهم { وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }. قال: قوله تعالى: { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ } ، إلى قوله تعالى: { فَلَمَّا قُضِيَ } ، أي فرغ { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا } إلى قوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } ، فهذا كله حكاية عن الجن، و كان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خرج من مكة إلى سوق عكاظ، و معه زيد بن حارثة، يدعو الناس إلى الإسلام، فلم يجبه أحد، و لم يجد من يقبله، ثم رجع إلى مكة، فلما بلغ موضعا [يقال] له: وادي مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل، فمر به نفر من الجن، فلما سمعوا قراءة رسول الله (صلى الله عليه و آله)، استمعوا له، فلما سمعوا قراءته، قال بعضهم لبعض: أَنْصِتُوا، يعني اسكتوا: { فَلَمَّا قُضِيَ } ، أي فرغ: { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (*) قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَآمِنُواْ بِهِ } ، إلى قوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } ، فجاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و أسلموا و آمنوا، و علمهم شرائع الإسلام، فأنزل على نبيه