الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

شرح الكلمات:

يتوفون: يوفيهم الله تعالى ما كتب لهم من العمر فيموتون.

ويذرون أزواجاً: يتركون زوجات لهم.

يتربصن بأنفسهن: ينتظرن حتى انقضاء عدتهن وهي أربعة أشهر وعشر ليال.

بلغن أجلهن: بلغن انتهاء العدة.

لا جناح عليكم: لا حرج عليكم أيها الأولياء فيما فعلن في أنفسهن من مس الطيب والتجمل والتعرض للخطاب.

لا جناح عليكم: لا إثم عليكم في التعريض دون التصريح بالخطبة، كما لا إثم في إضمار الرغبة في النفس.

حتى يبلغ الكتاب أجله: أي حتى تنتهي العدة.

معنى الآيتين:

ما زال السياق في بيان أحكام الطلاق والعدد والنفقات ففي هذه الآية [234] أن على من مات عليها زوجها أن تنتظر أربعة أشهر وعشر ليال إن كانت حرة أو نصف المدة إن كانت أمة فلا تتجمل ولا تمس طيباً ولا تتعرض للخطاب بحال تنقضي عدتها المذكورة في الآية إلا أن تكون حاملا فإن عدتها تنقضي بوضع حملها لقوله تعالى من سورة الطلاق:وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } [الآية: 4] فإذا بلغت أجلها أي انتهت المدة التي هي محدة فيها فلا جناح على ذوي زوجها المتوفى ولا على ذويها هي فيما تفعل بنفسها من ترك الإِحداد والتعرض للخطاب للتزوج هذا معنى قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي بما هو مباح لهن ووعظهم في ختام الآية بقوله { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فاحذروه فلا تعملون إلا ما أذن فيه لكم.

أما الآية الثانية [235] فقد تضمنت تحريم خطبة المرأة المعتدة من طلاق أو وفاة فلا يحل خطبتها لما في ذلك من الضرر؟ إذ قد تحمل هذه الخطبة من رجل مرغوب فيه لماله أو دينه أو نسبه أن تدعى المرأة انقضاء عدتها وهي لم تنقض، وقد تفوت على زوجها المطلق لها فرصة المراجعة وهذا كله ضرر محرم. كما تضمنت الآية في صدرها رفع الحرج أي الإِثم في التعريض بالخطبة دون اللفظ الصريح المحرم فقال تعالى: { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أيها المسلمون فيما عرضتم من خطبة النساء المعتدات نحو قوله: إني راغب في الزواج: أو إذا انقضت عدتك تشاورنيني إن أردت الزواج. كما تضمنت الكشف عن نفسية الرجل إذ قال تعالى: { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ } مبدين رغبتكم في الزواج منهن فرخص لكم في التعريض دون التصريح، ولكن لا تواعدوهن سراً هذا اللفظ هو الدال على تحريم خطبة المعتدة من وفاة أو من طلاق بائن، أما الطلاق الرجعي فلا يصح الخطبة فيه تعريضاً ولا تصريحاً لأنها في حكم الزوجة، وقوله إلا أن تقولوا قولا معروفا هو الإِذن بالتعريض.

السابقالتالي
2