الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ }

قوله: { وَأُوتِيَتْ }: يجوزُ أَنْ تكونَ معطوفةً على " تَمْلِكُهم ". وجاز عَطْفُ الماضي على المضارع؛ لأنَّ المضارعَ بمعناه أي: مَلَكَتْهُمْ. ويجوز أَنْ يكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِ من مرفوعِ " تَمْلِكُهم " ، و " قد " معها مضمرةٌ عند مَنْ يَرَىٰ ذلك.

وقوله: { مِن كُلِّ شَيْءٍ } عامٌّ مخصوصٌ بالعَقْلِ لأنها لم تُؤْتَ ما أُوْتِيَه سُلَيْمانُ.

قوله: { وَلَهَا عَرْشٌ } يجوزُ أَنْ تكونَ هذه جملةً مستقلةً بنفسِها سِيْقَتْ للإِخبارِ بها، وأَنْ تكونَ معطوفةً على " أُوْتِيَتْ " ، وأَنْ تكونَ حالاً مِنْ مرفوعِ " أُوْتِيَتْ ". والأحسنُ أَنْ تُجْعَلَ الحالُ الجارَّ، و " عَرْشٌ " مرفوعٌ به، وبعضُهم يَقِفُ على " عَرْشٌ " ، ويَقْطَعُه عن نَعْتِه. قال الزمخشري: " ومِنْ نَوْكَى القُصَّاص مَنْ يقفُ على قولِه: { وَلَهَا عَرْشٌ } ثم يَبْتَدِىءُ " عظيمٌ وَجَدْتُها " يريد: أمرٌ عظيمٌ أَنْ وَجَدْتُها، فَرَّ مِنْ استعظامِ الهُدْهُدِ عرشَها فوقع في عظيمةٍ وهي مَسْخُ كتابِ الله ". قلت: النَّوْكَىٰ: الحَمْقَىٰ جمعَ أَنْوكِ. وهذا الذي ذكرَه مِنْ أَمْرِ الوقف نقله الدانيُّ عن نافعٍ، وقَرَّره، وأبو بكر بن الأنباري، ورفعه إلى بعضِ أهل العلمِ، فلا ينبغي أَنْ يُقال: " نَوْكَىٰ القُصَّاص ". وخرَّجه الدانيُّ على أَنْ يكونَ " عظيم " مبتدأ و " وَجَدْتُها " الخبرُ. وهذا خطأٌ كيف يُبْتدأ بنكرةٍ مِنْ غيرِ مُسَوِّغٍ، ويُخْبَرُ عنها بجملةٍ لا رابطَ بينها وبينَه؟ والإِعرابُ ما قاله الزمخشريُّ: مِنْ أنَّ عظيماً صفةٌ لمحذوفٍ خبراً مقدماً [و " وَجَدْتُها " مبتدأٌ مؤخرٌ مُقَدَّراً معه حرفٌ مصدريٌّ أي: أمرٌ عظيمٌ وُجْداني إياها وقومَها غيرَ عابدي اللهِ تعالىٰ.