الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }

قوله تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } فيه خمسة أوجه، احدها: أنه منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ بعده، وهو على ظرفيَّته، أي: ويوم نحشرهم كان كيت وكيت، وحُذِفَ ليكونَ أبلغَ في التخويف. والثاني: أنه معطوف على ظرفٍ محذوف، وذلك الظرف معمول لقوله: { لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } والتقدير: إنه لا يفلح الظالمون اليوم في الدنيا ويوم نحشرهم، قاله محمد بن جرير. الثالث: أنه منصوب بقوله: { ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ } وفيه بُعْدٌ لعبده من عامله بكثرة الفواصل. الرابع: أنه مفعول به باذكر مقدراً. الخامس. أنه مفعول به أيضاً، وناصبه احذروا أو اتقوا يوم نحشرهم، كقوله:وَٱخْشَوْاْ يَوْماً } [لقمان: 33] وهو كالذي قبله فلا يُعَدُّ خامساً.

وقرأ الجمهور " نَحْشرهم " بنون العظمة وكذا " ثم نقول " وقرأ حميد ويعقوب بياء الغيبة فيهما وهو الله تعالى. والجمهور على ضم الشين من " نَحْشُرهم " وأبو هريرة بكسرها، وهما لغتان في المضارع. والضمير المنصوب في " نحشرهم " يعود على المفترين الكذب، وقيل: على الناس كلهم فيندرج هؤلاء فيهم، والتوبيخ مختص بهم. وقيل: يعود على المشركين وأصنامهم، ويدل عليه قوله:ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [الصافات: 22]. و " جميعاً " حال من مفعول " نحشُرهم ". ويجوز أن يكونَ توكيداً عند مَنْ أثبته من النحويين كأجمعين. وعطف هنا بـ " ثُمَّ " للتراخي الحاصل بين الحشر والقول. ومفعولا " تَزْعُمون " محذوفان للعِلْمِ بهما أي: تزعمونهم شركاء أو تزعمون أنهما شفعاؤكم.

وقوله: { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ } إن جَعَلْنا الضمير في " نحشرهم " عائداً على المفترين الكذبَ كان ذلك من باب إقامة الظاهرِ مُقام المضمر، إذ الأصل: ثم نقول لهم وإنما أُظِهِرَ تنبيهاً على قبح الشرك.