{ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ } في زمان آدم، عليه السلام، { إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } ، يعني ملة واحدة مؤمنين لا يعرفون الأصنام والأوثان، ثم اتخذوها بعد ذلك، فذلك قوله: { فَٱخْتَلَفُواْ } بعد الإيمان، { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } قبل الغضب، لأخذناهم عند كل ذنب، فذلك قوله: { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [آية: 19]، يعني في اختلافهم بعد الإيمان. { وَيَقُولُونَ لَوْلاَ } ، يعني هلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } مما سألوا، يعني في بني إسرائيل،{ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } [الإسراء: 90]، يعني لن نصدقك حتى تخرج لنا نهراً، فقد أعيينا من ميح الدلاء من زمزم، ومن رءوس الجبال، وإن أبيت هذا فلتكن لك خاصة،{ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ... } [الإسراء: 91، إلى قوله:{ ... كِسَفاً } [الإسراء: 92]، حين قال:{ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [سبأ: 9]، يعني قطعاً،{ أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ } عياناً فننظر إليه،{ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ } ، يعني من ذهب،{ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ } ، يعني أو تضع سلماً فتصعد إلى السماء،{ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ } [الإسراء: 92 - 93]، يقول: ولسنا نصدقك، حتى تأتي بأربعة أملاك، يشهدون أن هذا الكتاب من رب العزة، وهذا قول عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة. فأنزل الله في قوله: { أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ } عياناً فننظر إليه:{ أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } [البقرة: 108]، إذ قالوا:{ أَرِنَا ٱللَّهِ جَهْرَةً } [النساء: 153]، وأنزل الله فيها:{ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } [المدثر: 52]، لقوله: { كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ } ، وأنزل الله:{ وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } [الإسراء: 59]؛ لأنى إذا أرسلت إلى قوم آية، ثم كذبوا، لم أناظرهم بالعذاب، وإن شئت يا محمد أعطيت قومك ما سألوا، ثم لم أناظرهم بالعذاب، قال: يا رب لا، رقة لقومه لعلهم يتقون. ثم قال: { فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ } ، وهو قوله:{ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ } [هود: 33]، { فَٱنْتَظِرُوۤاْ } بى الموت، { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } [آية: 20] بكم العذاب القتل ببدر. { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ } ، يعني آتينا الناس، يعني كفار مكة، { رَحْمَةً } ، يعني المطر، { مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ } ، يعني القحط وذهاب الثمار، { مَسَّتْهُمْ } ، يعني المجاعة سبع سنين، { إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا } ، يعني تكذيباً، يقول: إذ لهم قول في التكذيب بالقرآن تكذيباً واستهزاء، { قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً } ، يعني الله أشد إخزاء، { إِنَّ رُسُلَنَا } من الحفظة { يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ } [آية: 21]، يعني ما تعلمون. { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ } على ظهور الدواب والإبل، ويهديكم لمسالك الطرق والسبل، { وَ } يحملكم في { وَٱلْبَحْرِ } في السفن في الماء، ويدلكم فيه بالنجوم، { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ } ، يعني في السفن، { وَجَرَيْنَ بِهِم } ، يعني بأهلها، { بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } ، يعني غير عاصف، ولا قاصف، ولا بطيئة، { وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا } ، يعني السفينة، { رِيحٌ عَاصِفٌ } قاصف، يعني غير لين، يعني ريحاً شديدة، { وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } ، يعني من بين أيديهم، ومن خلفهم، ومن فوقهم، { وَظَنُّوۤاْ } ، يعني وأيقنوا { أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } ، يعني أنهم مهلكون، يعني مغرقون، { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } ، وضلت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله، فذلك قوله: